فصل: بَيَانُ الشِّدَّةِ الَّتِي أَصَابَتِ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم وَأَصْحَابَهُ فِي غزوة ذات الرقاع، ويوم أحد ومحاربته أعداءه

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: مسند أبي عوانة المسمى بـ «المسند الصحيح المخرج على صحيح مسلم» ***


بابُ عَدَدِ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ، وأنهم بايعوه تحت الشجرة

5459 حَدَّثَنَا الصَّغَانِيُّ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ بَحْرٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ، عَنْ زَكَرِيَّا بْنِ أَبِي زَائِدَةَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الْبَرَاءِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ‏:‏ نَزَلْنَا الْحُدَيْبِيَةَ، فَوَجَدْنَا مَاءَهَا قَدْ شَرِبَهُ أَوَائِلُ النَّاسِ، فَجَلَسَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَلَى الْبِئْرِ، ثُمَّ دَعَا بِدَلْوٍ مِنْهَا، فَأَخَذَهُ بِفِيهِ، ثُمَّ مَجَّهُ فِيهَا، وَدَعَا اللَّهَ، فَكَثُرَ مَاؤُهَا حَتَّى تَرَوَّى النَّاسُ‏.‏

5460 حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ، قَالَ‏:‏ أنبأ الشَّافِعِيُّ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرٍو، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ‏:‏ كُنَّا يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ أَلْفًا وَأَرْبَعَمِائَةٍ، وَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم‏:‏ أَنْتُمُ الْيَوْمَ خَيْرُ أَهْلِ الأَرْضِ، قَالَ جَابِرٌ‏:‏ لَوْ كُنْتُ أُبْصِرُ لأَرَيْتُكُمْ مَوْضِعَ الشَّجَرَةِ‏.‏

5461 حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ الْحَرَّانِيُّ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ أَعْيَنَ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ، قَالَ‏:‏ أَنْبَأَنَا الْبَرَاءُ بْنُ عَازِبٍ‏:‏ أَنَّهُمْ كَانُوا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ أَلْفًا وَأَرَبَعَمِائَةٍ أَوْ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ، فَنَزَلُوا عَلَى بِئْرٍ فَنَزَحُوهَا، فَأَتَوْا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَأَتَى الْبِئْرَ، فَقَعَدَ عَلَى شَفِيرِهَا، ثُمَّ قَالَ‏:‏ ائْتُونِي بِدَلْوٍ مِنْ مَائِهَا، فَأُتِيَ فَبَسَقَ وَدَعَا، ثُمَّ قَالَ‏:‏ دَعُوهَا سَاعَةً، فَأَرْوَوْا أَنْفُسَهُمْ، وَرِكَابَهُمْ حَتَّى ارْتَحَلُوا‏.‏

5462 حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُوسُفَ السُّلَمِيُّ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا النَّضْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عِكْرِمَةُ بْنُ عَمَّارٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا إِيَاسُ بْنُ سَلَمَةَ بْنِ الأَكْوَعِ، عَنْ أَبِيهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ‏:‏ خَرَجْتُ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَأَنَا غُلامٌ حَدَثٌ، وَتَرَكْتُ أَهْلِي وَمَالِي إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَرَسُولِهِ صلى الله عليه وسلم، فَكُنْتُ تَبِيعًا لِطَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَخْدِمُهُ، وَآكُلُ مَعَهُ مِنْ طَعَامِهِ، فَقَدِمْنَا الْحُدَيْبِيَةَ، وَنَحْنُ أَرْبَعَ عَشْرَةَ مِائَةٍ مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَعَلَيْهَا يَوْمَئِذٍ خَمْسُونَ شَاةً مَا تُرْوِيهَا، فَرَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حِينَ قَعَدَ عَلَى جَبَاهَا، قَالَ‏:‏ فَإِمَّا بَسَقَ فِيهَا، وَإِمَّا دَعَا، فَمَا نُزِحَتْ بَعْدُ، ثُمَّ إِنَّ نَبِيَّ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَايَعَنَا تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَبَايَعْتُهُ فِي أَوَّلِ النَّاسِ، ثُمَّ بَايَعَ حَتَّى كَانَ فِي وَسَطٍ مِنَ النَّاسِ، ثُمَّ قَالَ‏:‏ يَا سَلَمَةُ، أَلا تُبَايِعُنِي‏؟‏، قُلْتُ‏:‏ يَا رَسُولَ اللَّهِ، بَايَعْتُكَ فِي أَوَّلِ النَّاسِ، قَالَ‏:‏ وَأَيْضًا، ثُمَّ قَالَ‏:‏ يَا سَلَمَةُ أَمَا لَكَ جُنَّةٌ‏؟‏، فَأَعْطَانِي جَحَفَةً، أَوْ قَالَ دَرَقَةً ثُمَّ بَايَعَ، حَتَّى إِذَا كَانَ فِي آخِرِ النَّاسِ، قَالَ‏:‏ يَا سَلَمَةُ، أَلا تُبَايِعُنِي‏؟‏، قَالَ‏:‏ قُلْتُ‏:‏ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَدْ بَايَعْتُكَ، وَاللَّهِ أَوَّلَ النَّاسِ وَفِي أَوْسَطِهِمْ، قَالَ‏:‏ وَأَيْضًا، ثُمَّ قَالَ‏:‏ يَا سَلَمَةُ، أَيْنَ جَحَفَتُكَ‏؟‏ أَوْ قَالَ‏:‏ دَرَقَتُكَ الَّتِي أَعْطَيْتُكَ‏؟‏، قَالَ‏:‏ قُلْتُ‏:‏ يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَعْطَيْتُهَا عَمِّي عَامِرًا رَضِيَ

اللَّهُ عَنْهُ، وَكَانَ أَعْزَلَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَضَحِكَ‏:‏ إِنَّكَ كَالَّذِي قَالَ الأَوَّلُ‏:‏ اللَّهُمَّ ابْغِنِي حَبِيبًا أَحَبَّ إِلَيَّ مِنْ نَفْسِي، ثُمَّ إِنَّ قَوْمًا مِنَ الْمُشْرِكِينَ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ كَانَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ صُلْحٌ حَتَّى تَمَشَّتْ بَعْضُنَا فِي بَعْضٍ، واخْتَلَطْنَا، فَأَتَيْتُ الشَّجَرَةَ فَكَسَحْتُ شَوْكَهَا، ثُمَّ نَزَلْتُ فِي ظِلِّهَا ثُمَّ اضْطَجَعْتُ، وَوَضَعْتُ سِلاحِي، فَأَتَانِي أَرْبَعَةٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ يَتَمَاشَوْنَ، فَجَلَسُوا إِلَيَّ فَجَعَلُوا يَقَعُونَ فِي النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَأَبْغَضْتُهُمْ، فَتَحَوَّلْتُ إِلَى شَجَرَةٍ أُخْرَى، فَمَا عَدَا أَنْ وَضَعُوا ثِيَابَهُمْ، وَعَلَّقُوا سِلاحَهُمْ، إِذْ نَادَى مُنَادٍ مِنْ أَسْفَلِ الْوَادِي يَا لَلْمُهَاجِرِينَ، قُتِلَ ابْنُ زُنَيْمٍ، قَالَ‏:‏ فَأَشُدُّ عَلَيْهِمْ حَتَّى أَقِفُ عَلَى رُؤُسِهِمْ بِالسَّيْفِ، ثُمَّ قَالَ‏:‏ وَالَّذِي كَرَّمَ وَجْهَ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم لا يَمُدُّ وَاحِدٌ مِنْكُمْ يَدَهُ إِلَى سِلاحِهِ إِلا ضَرَبْتُ الَّذِي فِيهِ عَيْنَاهُ، ثُمَّ ضَمَمْتُ سِلاحَهُمْ، وَسُقْتُهُمْ بِسَيْفِي حَتَّى آتِيَ بِهِمُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، وَجَاءَ عَمِّي عَامِرٌ بِمِكْرَزٍ أَوِ ابْنِ مِكْرَزٍ، رَجُلٍ مِنَ الْعَبَلاتِ يَقُودُ بِهِ فَرَسَهُ مُتَسَلِّحًا فِي سَبْعِينَ رَجُلا، فَلَمَّا نَظَرَ إِلَيْهِمْ نَبِيُّ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، قَالَ‏:‏ ذَرُوهُمْ يَكُنْ لَهُمْ بَدْءُ الْفُجُورِ وَثِنَاهُ، ثُمَّ رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةَ، فَمَرَرْنَا عَلَى جَبَلٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَ الْعَدُوِّ فَاسْتَغْفَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِمَنْ طَلَعَهُ تِلْكَ اللَّيْلَةَ فَأُطْلِعْتُهُ ثَلاثَ مَرَّاتٍ

أَوْ مَرَّتَيْنِ، ثُمَّ قَدِمْنَا الْمَدِينَةَ، فَخَرَجْتُ بِفَرَسِ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ مَعَ رَبَاحٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ غُلامِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي ظَهْرِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَلَمَّا كَانَ بِغَلَسٍ إِذَا نَحْنُ بِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عُيَيْنَةَ بْنِ بَدْرٍ الْفَزَارِيِّ، قَدْ أَغَارَ عَلَى سَرْحِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَاسْتَاقَ هُوَ وَأَصْحَابُهُ وَقَتَلُوا رَاعِيَهَا، فَقُلْتُ‏:‏ يَا رَبَاحُ، ارْكَبْ هَذَا الْفَرَسَ، فَأَبْلِغْهُ طَلْحَةَ، وَأَخْبِرْ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّ الْمُشْرِكِينَ قَدْ أَغَارُوا عَلَى سَرْحِهِ وَقَتَلُوا رَاعِيَهُ، قَالَ‏:‏ وَأَشْرَقْتُ شَرْقًا مِنَ الأَرْضِ ثُمَّ نَادَيْتُ بِأَعْلَى صَوْتِي‏:‏ يَا صَبَاحَاهُ‏!‏ ثُمَّ اتَّبَعْتُ الْقَوْمَ أَرْمِيهِمْ بِالنَّبْلِ، وَأَقُولُ‏:‏

أَنَا ابْنُ الأَكْوَعِ ……وَالْيَوْمُ يَوْمُ الرُّضَّعِ

وَأَهْوَى لِرَجُلٍ مِنْهُمْ بِسَهْمٍ فَأَضَعُهُ فِي بَعْضِ الْكَتِفِ، ثُمَّ قُلْتُ‏:‏

خُذْهَا وَأَنَا ابْنُ الأَكْوَعِ …وَالْيَوْمُ يَوْمُ الرُّضَّعِ

فَلَمْ أَزَلْ أَرْمِيهِمْ بِالنَّبْلِ، فَإِذَا حَمَلُوا عَلَيَّ لَجَأْتُ إِلَى شَجَرَةٍ، ثُمَّ نَثَرْتُ نَبْلِي فَعَقِرْتُ بِهِمْ، وَإِذَا تَضَايَقَ الْوَادِي عَلَوْتُ عَلَيْهِمُ الْجَبَلَ فَرَمَيْتُهُمْ بِالْحِجَارَةِ حَتَّى أَحْرَزْتُ الظَّهْرَ الَّذِي أَخَذُوا كُلَّهُ، وَأَخَذْتُ مِنْ مُشَاتَهُمْ سِوَى ذَلِكَ أَكْثَرَ مِنْ ثَلاثِينَ رُمْحًا وَثَلاثِينَ بُرْدَةً يَطَرَحُونَهَا لا أَضُمَّ مِنْهَا شَيْئًا ثَمَّةَ إِلا جَعَلْتُهُ طَرِيقَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَأَصْحَابِهِ، وَجَعَلْتُ عَلَيْهِ حِجَارَةً عَلامَةً لِيَعْرِفُوا، فَلَمَّا امْتَدَّ الضُّحَى إِذَا عُيَيْنَةُ بْنُ بَدْرٍ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَدْ أَتَاهُمْ مَدَدًا، فَنَزَلُوا يَتَضَحَّوْنَ، وَعَلَوْتُ عَلَيْهِمُ الْجَبَلَ فَقَعَدْتُ فَنَظَرَ إِلَيَّ عُيَيْنَةُ، فَقَالَ‏:‏ مَا هَذَا الَّذِي أَرَى‏؟‏ قَالُوا‏:‏ لَقِينَا مِنْ هَذَا الْبُرَحَاءَ مَا فَارَقَنَا بِغَلَسٍ حَتَّى هَذَا مَكَانُهُ، قَالَ‏:‏ أَفَلا يَقُومُ إِلَيْهِ نَفَرٌ مِنْكُمْ، فَقَامَ إِلَيَّ أَرْبَعَةٌ مِنْهُمْ فَسَنَدُوا إِلَى الْجَبَلِ، فَلَمَّا دَنَوْا مِنِّي، قُلْتُ‏:‏ أَتَعْرِفُونِي أَنَا ابْنُ الأَكْوَعِ، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لا يَطْلُبُنِي رَجُلٌ مِنْكُمْ فَيَلْحَقُنِي وَلا أَطْلُبُهُ فَيَفُوتُنِي، قَالُوا‏:‏ إِنَّا نَظُنُّ فَرَجَعُوا، ثُمَّ إِذَا أَنَا بِفَوَارِسَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَوَّلُهُمُ الأَخْرَمُ الأَسَدِيُّ، وَأَبُو قَتَادَةَ، وَالْمِقْدَادُ بْنُ الأَسْوَدِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ، فَانْحَدَرْتُ مِنَ الْجَبَلِ، فَأَعْرَضَ الأَخْرَمُ وَهُوَ أَوَّلُ الْقَوْمِ فَآخُذُ بِعِنَانِ فَرَسِهِ، فَقُلْتُ‏:‏ يَا أَخْرَمُ، أَتَذَرُ الْقَوْمَ أَنْ يَقْتَطِعُوكَ حَتَّى يَلْحَقَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم

وَأَصْحَابُهُ‏؟‏ فَقَالَ‏:‏ يَا سَلَمَةُ، إِنْ كُنْتَ تُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ، وَتَعْلَمُ أَنَّ الْجَنَّةَ حَقٌّ وَالنَّارَ حَقٌّ، فَلا تَحُلْ بَيْنِي وَبَيْنَ الشَّهَادَةِ فَتَرَكْتُهُ، فَتَقَدَّمَ فَالْتَقَى هُوَ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عُيَيْنَةَ، فَاخْتَلَفَا طَعْنَتَيْنِ فَعُقِرَ بِعَبْدِ الرَّحْمَنِ فَرَسُهُ، وَطَعَنَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ فَقَتَلَهُ، ثُمَّ تَحَوَّلَ عَلَى فَرَسِهِ فَالْتَقَى عَبْدُ الرَّحْمَنِ وَأَبُو قَتَادَةَ فَاخْتَلَفَا طَعْنَتَيْنِ فَعَقَرَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بِأَبِي قَتَادَةَ، وَطَعَنَهُ أَبُو قَتَادَةَ فَقَتَلَهُ، وَتَحَوَّلَ عَلَى فَرَسِهِ، ثُمَّ وَلَّى الْقَوْمُ لا يَلْوُونَ عَلَى شَيْءٍ، فَاتَّبَعْتُهُمْ عَلَى رِجْلَيَّ حَتَّى مَا أَرَى مِنْ فُرْسَانِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَلا مِنْ رَجَّالَتِهِمْ أَحَدًا، ثُمَّ مَالُوا إِلَى مَاءٍ، يُقَالُ لَهُ ذُو قَرَدٍ فَأَبْصَرُونِي وَرَاءَهُمْ فَحَلَّيْتُهُمْ عَنْهُ، وَهُمْ عِطَاشٌ، حَتَّى أَلْحَقَ فِي ثَنِيَّةِ ذِي الدَّثِيرِ، فَأَلْحَقَ رَجُلا عَلَى رَاحِلَتِهِ فِي مُؤَخَّرِ الْقَوْمِ فَأَرْمِيهِ بِسَهْمٍ، فَقُلْتُ‏:‏ خُذْهَا وَأَنَا ابْنُ الأَكْوَعِ… وَالْيَوْمُ يَوْمُ الرُّضَّعِ قَالَ‏:‏ وَاثُكْلُ أُمِّي‏!‏ أَكْوَعِيًّا بَكْرَةً، قُلْتُ‏:‏ نَعَمْ أَيْ عَدُوَّ نَفْسِهِ، وَأَخَذْتُ بِفَرَسَيْنِ أُرْدِيهِمَا فِي الثَّنِيَّةِ، فَسُقْتُهُمَا مَعِي حَتَّى أَلْقَى عَمِّي عَامِرًا فِي الظَّلامِ عَلَى بَعِيرٍ مَعَهُ سَطِيحَتَانِ إِحْدَاهُمَا مَذْقَةٌ أَيْ بَقِيَّةٌ مِنْ لَبَنِ وَالأُخْرَى مَاءٌ فَتَوَضَّأْتُ وَصَلَّيْتُ، حَتَّى آتِيَ نَبِيَّ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم نَازِلا عَلَى الْمَاءِ الَّذِي حَلَّيْتُهُمْ عَنْهُ ذُو قَرَدٍ وَوَجَدْتُ بِلالا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَشْوِي

كَبِدًا وَسِنَامًا مِنْ جَزُورٍ نُحِرَ مِنَ الإِبِلِ الَّتِي حُوِيَتْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ، فَقُلْتُ‏:‏ يَا نَبِيَّ اللَّهِ، بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي، ذَرْنِي فَأَنْتَخِبُ مِنَ الْقَوْمِ مِائَةً، فَآخُذُ عَلَيْهِمْ بالْعَشْوَةِ فَأُصْبِحُ، وَلَمْ يَبْقَ مُخْبِرٌ، فَرَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ضَحِكَ حَتَّى بَدَتْ نَوَاجِذُهُ فِي عَشْوَةِ النَّارِ، ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم‏:‏ يَا سَلَمَةُ، أَكُنْتَ فَاعِلا‏؟‏، قُلْتُ‏:‏ نَعَمْ، وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم‏:‏ إِنَّهُمُ الآنَ لَيَقَرُّونَ فِي غَطَفَانَ، فَمَا بَرِحْتُ حَتَّى جَاءَ رَجُلٌ، فَقَالَ‏:‏ يَا رَسُولَ اللَّهِ، نَزَلُوا بِفُلانٍ الْغَطَفَانِيِّ فَنَحَرَ لَهُمْ جَزُورًا، ثُمَّ أَبْصَرُوا الْغَبَرَةَ، فَقَذَفَ اللَّهُ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ، فَخَرَجُوا وَتَرَكُوا قِرَاهُمْ، قَالَ‏:‏ وَأَعْطَانِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم سَهْمَ الْفَارِسِ وَسَهْمَ الرَّاجِلِ جَمِيعًا، وَأَرْدَفَنِي خَلْفَهُ عَلَى الْعَضْبَاءِ، فَلَمَّا كَانَ بَيْنَنَا وَبَيْنَ الْمَدِينَةِ كَالرَّوْحَةِ أَوِ الْغَدْوَةِ أَتَانَا رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ كَانَ لا يُسْبَقُ، فَقَالَ‏:‏ هَلْ مِنْ مُسَابِقٍ‏؟‏ أَلا هَلْ مِنْ مُسَابِقٍ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلاثًا، فَأَقْبَلْتُ عَلَيْهِ، فَقُلْتُ أَمَا تُكْرِمُ عَلَيْهِ كَرِيمًا، وَلا تَهَابُ شَرِيفًا‏؟‏ قَالَ‏:‏ لا إِلا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، قُلْتُ‏:‏ يَا رَسُولَ اللَّهِ، بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي، أَفَلا أُسَابِقُ الرَّجُلَ‏؟‏ قَالَ‏:‏ إِنْ شِئْتَ، فَثَنَيْتُ رِجْلَيَّ، فَطَفَرْتُ عَنْ ظَهْرِ النَّاقَةِ، ثُمَّ قُلْتُ‏:‏ اذْهَبْ إِلَيْكَ، وَرَبَطْتُ عَلَيْهِ شَرَفًا أَوْ شَرَفَيْنِ، ثُمَّ تَرَفَّعْتُ حَتَّى

أَلْحَقَهُ، فَصَكَكْتُ بَيْنَ كَتِفَيْهِ، ثُمَّ قُلْتُ‏:‏ سَبَقْتُكَ وَاللَّهِ، قَالَ‏:‏ إِنِّي أَظُنُّ، ثُمَّ قَدِمْنَا الْمَدِينَةَ فَمَا لَبِثْنَا بِهَا إِلا ثَلاثًا، حَتَّى خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى خَيْبَرَ، فَخَرَجْتُ وَعَمِّي عَامِرُ بْنُ الأَكْوَعِ، فَجَعَلَ يَرْتَجِزُ الْقَوْمَ، وَيَقُولُ‏:‏

تَالَلَّهِ لَوْلا اللهُ مَا اهْتَدَيْنَا

وَلا تَصَدَّقْنَا وَلا صَلَّيْنَا

إِنَّ الَّذِينَ هُمْ بَغَوْا عَلَيْنَا

إِذَا أَرَادُوا فِتْنَةً أَبَيْنَا

وَنَحْنُ عَنْ فَضْلِكَ مَا اسْتَغْنَيْنَا

فَثَبِّتِ الأَقْدَامَ إِنْ لاقَيْنَا

وَأَنْزِلَنْ سَكِينَةً عَلَيْنَا

فَنَادَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم‏:‏ مَنْ هَذَا‏؟‏، قَالُوا‏:‏ يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَذَا عَامِرٌ، فَقَالَ‏:‏ غَفَرَ لَكَ رَبُّكَ، قَالَ‏:‏ فَوَاللَّهِ مَا اسْتَغْفَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَطُّ يَخُصُّهُ لِرَجُلٍ إِلا اسْتُشْهِدَ، قَالَ‏:‏ فَنَادَاهُ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَهُوَ عَلَى رَاحِلَتِهِ فِي نَاحِيَةِ الْقَوْمِ‏:‏ يَا رَسُولَ اللَّهِ، لَوْ مَتَّعْتَنَا بِعَامِرٍ، قَالَ‏:‏ فَلَمَّا قَدِمْنَا خَيْبَرَ أَقْبَلَ مَرْحَبٌ، فَقَالَ‏:‏ قَدْ عَلِمَتْ خَيْبَرُ أَنِّي مَرْحَبُ… شَاكِ السِّلاحِ بَطَلٌ مُجَرَّبُ إِذَا الْحُرُوبُ أَقْبَلَتْ تَلَهَّبُ، فَقَالَ عَامِرٌ‏:‏ قَدْ عَلِمَتْ خَيْبَرُ أَنِّي عَامِرُ شَاكِ السِّلاحِ بَطَلٌ مُغَامِرُ فَاخْتَلَفَا ضَرْبَتَيْنِ، فَوَقَعَ سَيْفُ مَرْحَبٍ فِي تُرْسِ عَامِرٍ وَرَجَعَ سَيْفُ عَامِرٍ عَلَيْهِ، فَأَصَابَ سَاقَ نَفْسِهِ فَأَتَى لَهُ فِيهَا، قَالَ‏:‏ فَمَرَرْتُ عَلَى نَفَرٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَهُمْ يَقُولُونَ‏:‏ بَطَلَ عَمَلُ عَامِرٍ، فَأَتَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَبْكِي، فَقُلْتُ‏:‏ يَا رَسُولَ اللَّهِ‏!‏ أَبَطَلَ عَمَلُ عَامِرٍ‏؟‏ قَالَ‏:‏ وَمَنْ قَالَ ذَاكَ‏؟‏، قَالَ‏:‏ قُلْتُ‏:‏ بَعْضُ أَصْحَابِكَ، قَالَ‏:‏ كَذَبَ ذَاكَ، بَلْ لَهُ أَجْرُهُ مَرَّتَيْنِ، قَالَ‏:‏ ثُمَّ أَرْسَلَ نَبِيُّ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، فَقِيلَ‏:‏ يَا نَبِيَّ اللَّهِ، إِنَّهُ أَرْمَدُ، فَجِئْتُ بِهِ أَقُودُهُ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَبْلَ ذَلِكَ‏:‏ لأُعْطِيَنَّ الرَّايَةَ رَجُلا يُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيُحِبُّهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ، فَبَسَقَ رَسُولُ اللَّهِ -

صلى الله عليه وسلم - فِي عَيْنَيْهِ، ثُمَّ أَعْطَاهُ الرَّايَةَ، فَكَانَ الْفَتْحُ عَلَى يَدَيْهِ، وَلَمَّا بَرَزَ عَلِيٌّ فَارْتَجَزَ مَرْحَبٌ، فَقَالَ‏:‏

قَدْ عَلِمَتْ خَيْبَرُ أَنِّي مَرْحَبُ

شَاكِ السِّلاحِ بَطَلٌ مُجَرَّبُ

إِذَا الْحُرُوبُ أَقْبَلَتْ تَلَهَّبُ

قَالَ‏:‏ فَقَالَ عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ‏:‏

أَنَا الَّذِي سَمَّتْنِي أُمِّي حَيْدَرَهْ

كَلَيْثِ غَابَاتٍ كَرِيهِ الْمَنْظَرَهْ

أُوفِيهِمْ بِالصَّاعِ كَيْلَ السَّنْدَرَهْ

فَقَالَ‏:‏ فَفَلَقَ عَلِيٌّ رَأْسَهُ وَكَانَ الْفَتْحُ عَلَى يَدَيْهِ‏.‏

5463 حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ الْحَرَّانِيُّ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا أَبُو حُذَيْفَةَ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عِكْرِمَةُ بْنُ عَمَّارٍ، عَنْ إِيَاسِ بْنِ سَلَمَةَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ‏:‏ قَدِمْنَا الْحُدَيْبِيَةَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَبَايَعْنَاهُ فِي أَصْلِ شَجَرَةٍ وَبَايَعْتُهُ فِي أَوَّلِ النَّاسِ، فَلَمَّا كَانَ فِي وَسَطٍ مِنَ النَّاسِ، قَالَ‏:‏ بَايِعْنِي يَا سَلَمَةُ، فَقُلْتُ‏:‏ يَا نَبِيَّ اللَّهِ، قَدْ وَاللَّهِ بَايَعْتُكَ فِي أَوَّلِ النَّاسِ، قَالَ‏:‏ وَأَيْضًا، قَالَ‏:‏ فَبَايَعْتُهُ، فَرَآنِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَعْزَلُ لَيْسَ مَعِي جُنَّةٌ اسْتَجِنُّ بِهَا فَأَعْطَانِي دَرَقَةً، أَوْ قَالَ‏:‏ جَحَفَةً، فَلَقِيَنِي عَمِّي عَامِرٌ، وَهُوَ أَعْزَلُ، فَسَأَلَنِيهَا فَأَعْطَيْتُهُ إِيَّاهَا، فَلَمَّا كَانَ فِي آخِرِ النَّاسِ، قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم‏:‏ أَلا تُبَايعُنِي يَا سَلَمَةُ‏؟‏، فَقُلْتُ‏:‏ يَا نَبِيَّ اللَّهِ، قَدْ وَاللَّهِ بَايَعْتُكَ فِي أَوَّلِ النَّاسِ وَفِي وَسْطِهِمْ، فَقَالَ‏:‏ وَأَيْضًا، فَبَايَعْتُهُ، ثُمَّ قَالَ‏:‏ يَا سَلَمَةُ، أَيْنَ الْجَحَفَةُ أَوِ الدَّرَقَةُ الَّتِي أَعْطَيْتُكَ‏؟‏، فَقُلْتُ‏:‏ يَا نَبِيَّ اللَّهِ، سَأَلَنِيهَا عَمِّي عَامِرٌ وَهُوَ أَعْزَلُ فَأَعْطَيْتُهُ إِيَّاهَا وآثَرْتُهُ بِهَا، قَالَ‏:‏ فَضَحِكَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ثُمَّ قَالَ‏:‏ إِنَّكَ كَالَّذِي قَالَ الأَوَّلَ‏:‏ اللَّهُمَّ أَبْغِنِي حَبِيبًا هُوَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ نَفْسِي، قَالَ‏:‏ ثُمَّ إِنَّ الْمُشْرِكِينَ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ وَاسُونَا الصُّلْحَ حَتَّى مَشَى بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ وَاصْطَلَحْنَا، قَالَ‏:‏ وَكُنْتُ تَبِيعًا لِطَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ، وَتَرَكْتُ أَهْلِي وَمَالِي مُهَاجِرًا إِلَى اللَّهِ

وَرَسُولِهِ، وَكُنْتُ آكُلُ مِنْ طَعَامِهِ وَأُحْسِنُ فَرَسَهُ، وَأَسْقِيهِ وَأَخْدِمُهُ، فَأَتَيْتُ شَجَرَةً فَكَسَحْتُ شَوْكَهَا، وَاضْطَجَعْتُ فِيهَا، فَأَتَانِي أَرْبَعَةٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ، فَجَعَلُوا يَقَعُونَ فِي رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، قَالَ‏:‏ فَأَبْغَضْتُهُمْ، قَالَ‏:‏ وَعَلَّقُوا أَسْلِحَتَهُمْ وَوَضَعُوا ثِيَابَهُمْ فِي الشَّجَرَةِ وَاضْطَجَعُوا فِي ظِلِّهَا، فَأَتَيْتُ شَجَرَةً أُخْرَى، فَكَسَحْتُ شَوْكُهَا فَاضْطَجَعْتُ تَحْتَهَا فَمَا عَدَا أَخَذُوا يَنَامُونَ فَإِذَا مُنَادٍ مِنْ أَسْفَلَ الْوَادِي‏:‏ يَا مَعْشَرَ الْمُهَاجِرِينَ، قُتِلَ ابْنُ زُنَيْمٍ، قَالَ‏:‏ فَخَرَجْتُ أَشْتَدُّ بِسَيْفِي، حَتَّى وَقَفْتُ عَلَى رُءُوسِهِمْ وَهُمْ مُضْطَجِعُونَ، فَقُلْتُ‏:‏ وَالَّذِي كَرَّمَ وَجْهَ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم لا يَرْفَعُ رَجُلٌ مِنْكُمْ رَأْسَهُ إِلا ضَرَبْتُ الَّذِي فِيهِ عَيْنَاهُ، فَلَمَّا أَخَذْتُ سِلاحَهُمْ، فَجَعَلْتُهُ ضِغْثًا فِي يَدِي، ثُمَّ جِئْتُ بِهِمْ أَسُوقُهُمْ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَجَاءَ عَمِّي هُوَ وَأَصْحَابٌ لَهُ بِسَبْعِينَ رَجُلا مِنْهُمْ مِكْرِزٌ رَجُلٌ مِنَ الْعَبَلاتِ مِنْ قُرَيْشٍ يَقُودُ بِهِ عَمِّي مُجَفَّفٍ عَلَى فَرَسٍ فَلَمَّا نَظَرَ إِلَيْهِمْ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، قَالَ‏:‏ دَعُوهُمْ يَكُونُ بَدْءُ الْفُجُورِ وَثِنَاهُ مِنْهُمْ، فَخَلاهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ اللَّهُ‏:‏ ‏{‏وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُمْ بِبَطْنِ مَكَّةَ مِنْ بَعْدِ أَنْ أَظْفَرَكُمْ عَلَيْهِمْ‏}‏ ‏[‏سورة الفتح آية 24‏]‏، قَالَ‏:‏ ثُمَّ رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ، وَبَيْنَنَا وَبَيْنَ بَنِي لِحْيَانَ، أَو بَنِي ذَكْوَانَ، رَأْسٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ

جَبَلٌ، قَالَ‏:‏ فَاسْتَغْفَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِمَنْ رَقَى فِي هَذَا الْجَبَلِ، قَالَ‏:‏ وَمَا اسْتَغْفَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لأَحَدٍ قَطُّ يَخُصُّهُ إِلا اسْتُشْهِدَ، قَالَ‏:‏ فَرَقَيْتُهُ تِلْكَ اللَّيْلَةَ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلاثَةً، قَالَ‏:‏ ثُمَّ قَدِمْنَا الْمَدِينَةَ فَبَعَثَ نَبِيُّ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِظَهْرِهِ إِلَى الْغَابَةِ يُنَدِّيهِ، فَخَرَجْتُ أَنَا وَرَبَاحٌ غُلامُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَخَرَجْتُ مَعِي بِفَرَسٍ لِطَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ أُنَدِّيهِ، فَلَمَّا كَانَ عِنْدَ الصُّبْحِ إِذَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عُيَيْنَةَ بْنِ بَدْرٍ الْفَزَارِيُّ، قَدْ أَغَارَ عَلَى سَرْحِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَطَرَدَهُ، فَذَهَبَ بِهِ، وَقَتَلَ رَاعِيَهُ، فَقُلْتُ‏:‏ يَا رَبَاحُ، خُذْ هَذَا الْفَرَسَ، فَأَبْلِغْهُ طَلْحَةَ بْنَ عُبَيْدِ اللَّهِ، وَأَخْبِرْ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّ الْمُشْرِكِينَ قَدْ أَغَارُوا عَلَى سَرْحِهِ، فَقَعَدَ رَبَاحٌ عَلَى الْفَرَسِ وَقُمْتُ عَلَى أَكَمَةٍ، وَوَجَّهْتُ وَجْهِيَ قِبَلَ الْمَدِينَةِ، ثُمَّ نَادَيْتُ ثَلاثَ دَعَوَاتٍ‏:‏ يَا صَبَاحَاهُ، ثُمَّ أَتْبَعْتُ الْقَوْمَ فَجَعَلْتُ أَرْشُقُهُمْ بِالنَّبْلِ وَأَرْتَجِزُ أَرْمِيهِمْ، وَأَقُولُ‏:‏

أَنَا ابْنُ الأَكْوَعِ… وَالْيَوْمُ يَوْمُ الرُّضَّعِ

وَأَعْقِرُ بِهِمْ حَتَّى أَلْحَقَ رَجُلا مِنْهُمْ رَاكِبًا عَلَى رَحْلِهِ، فَأَصُكُّ رِجْلَهُ بِسَهْمٍ حَتَّى نَفَذَ فِي كَتِفِهِ، فَقُلْتُ‏:‏

خُذْهَا وَأَنَا ابْنُ الأَكْوَعِ…… وَالْيَوْمُ يَوْمُ الرُّضَّعِ

قَالَ فَمَا زِلْتُ أَعْقِرُ بِهِمْ وَأَرْتَجِزُ، فَإِذَا رَجُلٌ عَلَى فَرَسٍ، فَجَثَمْتُ إِلَى شَجَرَةٍ فَنَثَرْتُ نَبْلِي ثُمَّ عَقَرْتُ بِهِ، وَلا يَقْدُمُ عَلَيَّ، قَالَ‏:‏ فَمَا زَالَ ذَلِكَ شَأْنِي وَشَأْنُهُمْ حَتَّى مَا تَرَكْتُ شَيْئًا مِنْ ظَهْرِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلا اسْتَنْقَذْتُهُ، وَجَعَلْتُهُ وَرَاءَ ظَهْرِي، قَالَ‏:‏ وَطَرَحُوا أَكْثَرَ مِنْ ثَلاثِينَ بُرْدَةً وَثَلاثِينَ رُمْحًا كُلُّ ذَلِكَ يَسْتَخِفُّونَ مِنِّي، وَأَجْعَلُ عَلَيْهِ آرَامًا حَتَّى لا يَخْفَى عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَلا عَلَى أَصْحَابِهِ حَتَّى إِذَا امْتَدَّ الضُّحَى الأَكْبَرُ، قَالَ‏:‏ وَدَخَلُوا الْمَضِيقَ عَلَوْتُ الْجَبَلَ، وَجَعَلْتُ أُرَدِّيهِمْ بِالْحِجَارَةِ إِذَا عُيَيْنَةُ بْنُ بَدْرٍ، قَدْ جَاءَ مَدَدًا لِلْمُشْرِكِينَ فَنَزَلُوا يَتَضَحَّوْنَ، فَأَشْرَفَ عَلَى جَبَلٍ فَأَقْعَدَ عَلَيْهِ، فَقَالَ عُيَيْنَةُ‏:‏ مَا هَذَا الَّذِي أَرَى‏؟‏ قَالُوا‏:‏ هَذَا لَقِينَا مِنْهُ الْبَرْحَ، فَوَاللَّهِ إِنْ فَارَقَنَا بِغَلَسٍ حَتَّى اسْتَنْقَذَ كُلَّ شَيْءٍ فِي أَيْدِينَا، فَقَالَ عُيَيْنَةُ‏:‏ لَوْلا أَنَّ هَذَا يَرَى وَرَاءَهُ طَلَبًا، لَتَرَكَكُمْ لِيَقُمْ إِلَيْهِ مَعِي مِنْكُمْ، فَقَامَ أَرْبَعَةٌ فَسَنَدُوا إِلَيَّ فِي الْجَبَلِ، فَلَمَّا أَسْمَعْتُهُمُ الصَّوْتَ، قُلْتُ لَهُمْ‏:‏ أَتَعْرِفُونِي‏؟‏ قَالُوا‏:‏ وَمَنْ أَنْتَ‏؟‏ قُلْتُ‏:‏ أَنَا ابْنُ الأَكْوَعِ، وَالَّذِي كَرَّمَ وَجْهَ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم لا يَطْلُبُنِي رَجُلٌ مِنْكُمْ فَيُدْرِكُنِي وَلا أَطْلُبُهُ فَيَفُوتُنِي، فَقَالَ أَحَدُهُمْ‏:‏ إِنِّي أَظُنُّ، فَوَاللَّهِ مَا بَرِحْتُ مَقْعَدِي ذَاكَ حَتَّى رَأَيْتُ فَوَارِسَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَتَخَلَّلُونَ الشَّجَرَ، فَإِذَا أَوَّلُهُمُ الأَخْرَمُ الأَسَدِيُّ، وَإِذَا عَلَى إِثْرِهِ أَبُو قَتَادَةَ، وَإِذَا عَلَى إِثْرِ أَبِي قَتَادَةَ الْمِقْدَادُ بْنُ الأَسْوَدِ الْكِنْدِيُّ، وَوَلَّوْا مُدْبِرِينَ، فَأَعْرَضَ الأَخْرَمُ الأَسَدِيُّ، فَآخُذُ بِعِنَانِ فَرَسِهِ، فَقُلْتُ‏:‏ يَا أَخْرَمُ، أَنْذِرْهُمْ، فَإِنَّ الْقَوْمَ قَلِيلٌ خَبِيثٌ، وَلا آمَنُهُمْ أَنْ يَقْتَطِعُوكَ حَتَّى يَلْحَقَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَأَصْحَابُهُ، فَقَالَ‏:‏ يَا سَلَمَةُ، إِنْ كُنْتَ تُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ، وَتَعْلَمُ أَنَّ الْجَنَّةَ حَقٌّ وَالنَّارَ حَقٌّ، فَلا تَحُلْ بَيْنِي وَبَيْنَ الشَّهَادَةِ، قَالَ‏:‏ وَالتَقَى هُوَ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ، فَاخْتَلَفَا ضَرْبَتَيْنِ فَقَتَلَهُ، وَعَقَرَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ فَرَسَهُ، وَتَحَوَّلَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ عَلَى فَرَسِ الأَخْرَمِ، وَيَلْحَقُهُ أَبُو قَتَادَةَ فَارِسُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَاخْتَلَفَا طَعْنَتَيْنِ، فَقَتَلَهُ أَبُو قَتَادَةَ، وَعُقِرَ بِأَبِي قَتَادَةَ فَرَسُهُ، وَتَحَوَّلَ أَبُو قَتَادَةَ عَلَى فَرَسِ الأَخْرَمِ، قَالَ‏:‏ وَخَرَجَ الْمُشْرِكُونَ لا يَلْوُوُنَ عَلَى شَيْءٍ، قَالَ‏:‏ فَوَالَّذِي كَرَّمَ وَجْهَ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم إِنِّي بِطَلَبِ الْخَيْلِ، وَالرِّكَابِ، وَالرِّجَالِ الَّذِينَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حَتَّى مَا أَرَى غُبَارَهُمْ، قَالَ‏:‏ فَعَرَضُوا الشِّعْبَ فِيهِ مَاءٌ يُقَالُ لَهُ‏:‏ ذُو قَرَدٍ يُرِيدُونَ أَنْ يَشْرَبُوا مِنْهُ وَهُمْ عِطَاشٌ، قَالَ‏:‏ فَنَظَرُوا إِلَيَّ أَعْدُو وَرَاءَهُمْ، قَالَ‏:‏ فَحَلأْتُهُمْ، فَمَا ذَاقُوا مِنْهُ قَطْرَةً وَهُمْ عِطَاشٌ حَتَّى سُنِدُوا فِي ثَنِيَّةٍ، يُقَالُ لَهُ‏:‏ نَيْرُ، قَالَ‏:‏ وَأَلْحَقُ رَجُلا مِنْ آخِرِهِمْ عِنْدَ

الثَّنِيَّةِ فَأَصْطَكُّهُ بِسَهْمٍ فِي نُغْصِ كَتِفِهِ، فَقُلْتُ‏:‏

خُذْهَا وَأَنَا ابْنُ الأَكْوَعِ وَالْيَوْمُ يَوْمُ الرُّضَّعِ

قَالَ‏:‏ وَاثُكْلَ أُمِّي‏!‏ أَكْوَعِيًّا بَكْرَةً‏؟‏ فَقُلْتُ‏:‏ نَعَمْ، أَيْ عَدُوَّ نَفْسِهِ، قَالَ‏:‏ فَأَدْرَكَ فَرَسَيْنِ عَلَى الْعَقَبَةِ فَجِئْتُ بِهِمَا أَسُوقُهُمَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حَتَّى وَجَدْتُهُ عَلَى الْمَاءِ الَّذِي حَلأْتُهُمْ عَنْهُ ذُو قَرَدٍ، وَإِذَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي مِائَةٍ مِنْ أَصْحَابِهِ قَدْ نَزَلُوا الْمَاءَ، وَأَخَذُوا الإِبِلَ، وَالْبُرُدَ، وَكُلَّ شَيْءٍ خَلَّفْتُ وَرَائِي، وَإِذَا بِلالٌ قَدْ أَمَرَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَنَحَرَ جَزُورًا مِنَ الإِبِلِ الَّذِي عَدَّيْتُ لَهُمْ، وَإِذَا هُوَ يَشْوِي لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ سَنَامِهَا وكَبِدِهَا، قَالَ‏:‏ وَجَاءَ عَمِّي عَامِرٌ بِسَطِيحَةٍ فِيهَا مَذْقَةٌ مِنْ لَبَنٍ، وَسَطِيحَةٍ أُخْرَى فِيهَا مَاءٌ، فَتَوَضَّأْتُ ثُمَّ صَلَّيْتُ وَشَرِبْتُ، فَقُلْتُ‏:‏ يَا رَسُولَ اللَّهِ، خَلِّنِي فَلأَنْتَخِبُ مِنَ الْقَوْمِ مِائَةَ رَجُلٍ فَآخُذُ عَلَى الْمُشْرِكِينَ بِالْعَشْرَةِ، فَلا يَبْقَى مِنْهُمْ رَجُلٌ، فَضَحِكَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حَتَّى نَظَرْتُ إِلَى نَوَاجِذِهِ فِي ضَوْءِ النَّارِ، فَقَالَ‏:‏ أَكُنْتَ فَاعِلا يَا سَلَمَةُ‏؟‏، قُلْتُ‏:‏ نَعَمْ، وَالَّذِي كَرَّمَ وَجْهَكَ، فَقَالَ‏:‏ إِنَّهُمُ الآنَ لَيُقْرَوْنَ بِأَرْضِ غَطَفَانَ، قَالَ‏:‏ فَمَا بَرِحْنَا حَتَّى جَاءَ رَجُلٌ مِنْ غَطَفَانَ، فَقَالَ‏:‏ نَحَرَ لَهُمْ فُلانٌ الْغَطَفَانِيُّ جَزُورًا، فَلَمَّا كَشَطَ جِلْدَهَا رَأَوْا غُبَارًا، فَقَالُوا‏:‏ هَذَا غُبَارُ الْقَوْمِ فَمَا خَافُوهَا وَوَلَّى الْقَوْمُ، فَلَمَّا

أَصْبَحْنَا أَعْطَانِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم سَهْمَ الْفَارِسِ وَالرَّاجِلِ جَمِيعًا، قَالَ‏:‏ وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم‏:‏ كَانَ خَيْرَ فُرْسَانِنَا الْيَوْمَ‏:‏ أَبُو قَتَادَةَ، وَخَيْرَ رَجَّالَتِنَا‏:‏ سَلَمَةُ، قَالَ‏:‏ ثُمَّ أَرْدَفَنِي نَبِيُّ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم رَاجِعِينَ إِلَى الْمَدِينَةِ عَلَى نَاقَتِهِ الْعَضْبَاءِ، فَلَمَّا كَانَ بَيْنَنَا وَبَيْنَ الْمَدِينَةِ ضَحْوَةً، وَفِينَا رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ لا يَسْبِقُ عَدُوًّا، قَالَ‏:‏ هَلْ مِنْ مُسَابِقٍ إِلَى الْمَدِينَةِ، أَلا مِنْ مُسَابِقٍ فَأَعَادَهَا مِرَارًا وَأَنَا سَاكِتٌ، ثُمَّ قُلْتُ لَهُ‏:‏ مَا تُكْرِمُ كَرِيمًا، وَلا تَهَابُ شَرِيفًا، فَقَالَ‏:‏ لا إِلا أَنْ يَكُونَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، قُلْتُ‏:‏ يَا رَسُولَ اللَّهِ، ذَرْنِي بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي لأُسَابِقَ الرَّجُلَ، قَالَ‏:‏ إِنْ شِئْتَ، فَقُلْتُ‏:‏ اذْهَبْ إِلَيْكَ، فَخَرَجَ يَشْتَدُّ وأَطْفُرُ عَنِ النَّاقَةِ، ثُمَّ أَعْدُو فَرَبَطْتُ عَلَيْهِ شَرَفًا أَوْ شَرَفَيْنِ، فَسَأَلْتُهُ مَا رَبَطْتَ‏؟‏ فَقَالَ‏:‏ اسْتَبْقَيْتُ نَفْسِي، ثُمَّ إِنِّي عَدَوْتُ عَدْوَتِي حَتَّى أَلْحَقَهُ وَأَصُكُّ بَيْنَ كَتِفَيْهِ، فَقُلْتُ‏:‏ سَبَقْتُكَ وَاللَّهِ، قَالَ‏:‏ فَنَظَرَ إِلَيَّ فَضَحِكَ، وَقَالَ‏:‏ إِنِّي أَظُنُّ، قَالَ‏:‏ حَتَّى وَرَدَ الْمَدِينَةَ فَمَا لَبِثْنَا إِلا ثَلاثَ لَيَالٍ، حَتَّى خَرَجْنَا إِلَى خَيْبَرَ، فَجَعَلَ عَمِّي عَامِرٌ يَرْتَجِزُ بِالْقَوْمِ، وَهُوَ يَسُوقُ بِهِمْ، وَهُوَ يَقُولُ‏:‏

تَالَلَّهِ لَوْلا اللهُ مَا اهْتَدَيْنَا

وَلا تَصَدَّقْنَا وَلا صَلَّيْنَا

إِنَّ الَّذِينَ هُمْ بَغَوْا عَلَيْنَا

إِذَا أَرَادُوا فِتْنَةً أَبَيْنَا

وَنَحْنُ عَنْ فَضْلِكَ مَا اسْتَغْنَيْنَا

فَثَبِّتِ الأَقْدَامَ إِنْ لاقَيْنَا

وَأَنْزِلَنْ سَكِينَةً عَلَيْنَا

إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بَغَوْا عَلَيْنَا

إِذَا أَرَادُوا فِتْنَةً أَبَيْنَا

فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم‏:‏ مَنْ هَذَا‏؟‏، فَقُلْتُ‏:‏ عَمِّي عَامِرٌ يَا نَبِيَّ اللَّهِ، فَقَالَ‏:‏ غَفَرَ لَكَ رَبُّكَ، فَقَالَ عُمَرُ وَهُوَ فِي أَوَّلِ الْقَوْمِ‏:‏ يَا نَبِيَّ اللَّهِ، لَوْمَا مَتَّعْتَنَا بِعَامِرٍ، وَمَا اسْتَغْفَرَ لإِنْسَانٍ قَطُّ يَخُصُّهُ إِلا اسْتُشْهِدَ، فَلَمَّا قَدِمْنَا خَيْبَرَ خَرَجَ مَرْحَبٌ يَخْطِرُ بِسَيْفِهِ يَقُولُ‏:‏ قَدْ عَلِمْتْ خَيْبَرُ أَنِّي مَرْحَبُ

شَاكِ السِّلاحِ بَطَلٌ مُجَرَّبُ

إِذَا الْحُرُوبُ أَقْبَلَتْ تَلَهَّبُ

فَبَرَزَ عَامِرٌ، فَقَالَ‏:‏

قَدْ عَلِمَتْ خَيْبَرُ أَنِّي عَامِرٌ

شَاكِ السِّلاحِ بَطَلٌ مُغَامِرُ

اخْتَلَفَا ضَرْبَتَيْنِ فَوَقَعَ سَيْفُ مَرْحَبٍ فِي تُرْسِ عَامِرٍ، وَذَهَبَ عَامِرٌ يَسْفُلُ لَهُ، فَرَجَعَ سَيْفُهُ عَلَى نَفْسِهِ، فَكَانَتْ فِيهِ نَفْسُهُ، قَالَ‏:‏ فَمَا مَرَرْتُ عَلَى نَفَرٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم إِلا وَهُمْ يَقُولُونَ‏:‏ بَطَلَ عَمَلُ عَامِرٍ، قَتَلَ نَفْسَهُ، فَأَتَيْتُ نَبِيَّ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَبْكِي، فَقُلْتُ‏:‏ أَبَطَلَ عَمَلُ عَامِرٍ‏؟‏ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم‏:‏ مَنْ قَالَ ذَلِكَ‏؟‏، فَقُلْتُ‏:‏ نَفَرٌ مِنْ أَصْحَابِكَ، فَقَالَ‏:‏ كَذَبَ مَنْ قَالَ ذَلِكَ‏؟‏ بَلْ لَهُ أَجْرُهُ مَرَّتَيْنِ، ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم‏:‏ لأُعْطِيَنَّ الرَّايَةَ رَجُلا يُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيُحِبُّهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ، فَدَنَا لَهَا النَّاسُ، قَالَ‏:‏ فَأَرْسَلَنِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ فَجِئْتُ بِهِ أَقُودُهُ وَهُوَ أَرْمَدُ فَبَزَقَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي عَيْنَيْهِ، فَبَرَأَ، وَأَعْطَاهُ الرَّايَةَ، فَخَرَجَ مَرْحَبٌ يَخْطُرُ بِسَيْفِهِ، وَيَقُولُ‏:‏

قَدْ عَلِمَتْ خَيْبَرُ أَنِّي مَرْحَبُ

شَاكِ السِّلاحِ بَطَلٌ مُجَرَّبُ

إِذَا الْحُرُوبُ أَقْبَلَتْ تَلَهَّبُ

فَقَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ‏:‏

أَنَا الَّذِي سَمَّتْنِي أُمِّي حَيْدَرَهْ

كَلَيْثِ غَابَاتٍ كَرِيهِ الْمَنْظَرَهْ

أُوفِيهِمْ بِالصَّاعِ كَيْلَ السَّنْدَرَهْ

فَفَلَقَ رَأْسَ مَرْحَبٍ بِالسَّيْفِ وَكَانَ الْفَتْحُ عَلَى يَدَيْهِ‏.‏

5464 حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي رَجَاءٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا شُعَيْبُ بْنُ حَرْبٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عِكْرِمَةُ بْنُ عَمَّارٍ، عَنْ إِيَاسِ بْنِ سَلَمَةَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ‏:‏ خَرَجَ عَمِّي عَامِرٌ إِلَى مَرْحَبٍ، فَذَهَبَ يَسْفُلُ لَهُ، فَرَجَعَ السَّيْفُ عَلَيْهِ فَكَانَتْ فِيهَا نَفْسُهُ، فَقَالَ النَّاسُ‏:‏ إِنَّ عَامِرًا قَتَلَ نَفْسَهُ، فَبَلَغَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ‏:‏ لَهُ أَجْرُهُ مَرَّتَيْنِ‏.‏

5465 حَدَّثَنَا بَكَّارُ بْنُ قُتَيْبَةَ الْبَكْرَاوِيُّ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ يُونُسَ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عِكْرِمَةُ بْنُ عَمَّارٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا إِيَاسٌ، أَوْ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنِي إِيَاسُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ‏:‏ غَزَوْنَا خَيْبَرَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم‏:‏ لأُعْطِيَنَّ الرَّايَةَ الْيَوْمَ رَجُلا يُحِبُّهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ، يَفْتَحُ اللَّهُ عَلَى يَدَيْهِ، فَدَعَا عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ، فَأَعْطَاهَا إِيَّاهُ‏.‏

5466 حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ سِنَانٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا صَفْوَانُ بْنُ عِيسَى، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ أَبِي عُبَيْدٍ، قَالَ‏:‏ قُلْتُ لِسَلَمَةَ بْنِ الأَكْوَعِ‏:‏ عَلَى أَيِ شَيْءٍ بَايَعْتُمُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ‏؟‏ قَالَ‏:‏ بَايَعْنَاهُ عَلَى الْمَوْتِ‏.‏

5467 حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ سِنَانٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا صَفْوَانُ بْنُ عِيسَى ‏(‏ح‏)‏ وَحَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ سَيَّارٍ، وَأَبُو دَاوُدَ، قَالا‏:‏ حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي عُبَيْدٍ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ الأَكْوَعِ، قَالَ‏:‏ خَرَجْتُ وَأَنَا أُرِيدُ الْغَابَةَ، حَتَّى إِذَا أَتَيْتُ الْغَابَةَ، إِذَا أَنَا بِغُلامٍ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، يَقُولُ‏:‏ أَخَذْتُ لِقَاحَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، قُلْتُ‏:‏ مَنْ أَخَذَهَا‏؟‏ قَالَ‏:‏ غَطَفَانُ، وَبَنُو فَزَارَةَ، قَالَ‏:‏ فَصَعِدْتُ فَصِحْتُ ثَلاثَةَ أَصْوَاتٍ، فَأَسْمَعْتُ مَا بَيْنَ لابَتَيْهَا‏:‏ واصَبَاحَاهُ، ثُمَّ انْطَلَقْتُ فِي آثَارِهِمْ فَاسْتَنْقَذْتُهَا مِنْهُمْ، وَجَاءَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي نَاسٍ، قُلْتُ‏:‏ يَا رَسُولَ اللَّهِ، الْقَوْمُ عِطَاشٌ عَلَى كَلالَتِهِمْ، وَلَيْسَ مَعَهُمْ مَاءٌ لِشِفْتِهِمْ، فَقَالَ‏:‏ يَا ابْنَ الأَكْوَعِ، إِنَّهُمْ فِي غَطَفَانَ الآنَ يَقْرَوْنَ، وَقَالَ‏:‏ يَا سَلَمَةُ، إِذَا مَلَكْتَ فَأَسْجِحْ، مَعْنَى حَدِيثِهِمْ وَاحِدٌ، قَالَ‏:‏ وَلَحِقَنِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَأَرْدَفَنِي خَلْفَهُ، وَحَدَّثَنِي أَبُو أُمَيَّةَ، عَنْ أَبِي عَاصِمٍ، بِمِثْلِهِ، وَأَبُو دَاوُدَ، لَمْ يَذْكُرْ أَرْدَفَنِي خَلْفَهُ فَقَطْ، وَالْبَاقُونَ ذَكَرُوهُ‏.‏

5468 حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ حَرْبٍ، وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالا‏:‏ حَدَّثَنَا مَكِّيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ أَبِي عُبَيْدٍ، قَالَ‏:‏ سَمِعْتُ سَلَمَةَ بْنَ الأَكْوَعِ، يَقُولُ‏:‏ خَرَجْتُ مِنَ الْمَدِينَةِ نَحْوَ الْغَابَةِ، حَتَّى إِذَا كُنْتُ بِثَنِيَّةِ الْغَابَةِ لَقِيَنِي غُلامٌ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، فَقَالَ‏:‏ أَخَذْتُ لِقَاحَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، قَالَ‏:‏ قُلْتُ‏:‏ مَنْ‏؟‏ قَالَ‏:‏ غَطَفَانُ، وَفَزَارَةُ، قَالَ‏:‏ فَصَرَخْتُ ثَلاثَ صَرَخَاتٍ‏:‏ يَا صَبَاحَاهُ‏!‏ يَا صَبَاحَاهُ، ثُمَّ دَفَعَتُ حَتَّى أَلْقَاهُمْ فَجَعَلْتُ أَرْمِيهِمْ، وَأَقُولُ‏:‏

أَنَا ابْنُ الأَكْوَعِ والْيَوْمُ يَوْمُ الرُّضَّعِ

واسْتَنْقَذْتُهَا مِنْهُمْ، قَبْلَ أَنْ يَشْرَبُوا، وَأَقْبَلْتُ أَسُوقُهَا، فَلَقِيَنِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقُلْتُ‏:‏ يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ الْقَوْمَ عِطَاشٌ وَإِنِّي أَعْجَلْتُهُمْ قَبْلَ أَنْ يَشْرَبُوا، فَابْعَثْ فِي إِثْرِهِمْ، فَقَالَ‏:‏ يَا ابْنَ الأَكْوَعِ، مَلَكْتَ فَأَسْجِحْ، إِنَّ الْقَوْمَ يَقْرَوْنَ فِي قَوْمِهِمْ‏.‏

5469 حَدَّثَنَا ابْنُ الْجُنَيْدِ، وَعَبَّاسٌ الدُّورِيُّ، قَالا‏:‏ حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي عُبَيْدٍ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ الأَكْوَعِ، قَالَ‏:‏ بَايَعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ تَحْتَ الشَّجَرَةِ، قَالَ‏:‏ فَتَنَحَّيْتُ فَبَايَعَ وَبَايَعَ، فَقَالَ‏:‏ يَا ابْنَ الأَكْوَعِ، أَلا تُبَايِعَ‏؟‏، فَقُلْتُ‏:‏ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَدْ بَايَعْتُ، قَالَ‏:‏ وَأَيْضًا، قَالَ‏:‏ فَبَايَعْتُهُ، قُلْتُ‏:‏ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَدْ بَايَعْتُ، قَالَ‏:‏ وَأَيْضًا، قَالَ‏:‏ فَبَايَعْتُهُ، قَالَ‏:‏ قُلْتُ عَلَى مَا بَايَعْتُمُوهُ يَا أَبَا مُسْلِمٍ‏؟‏ قَالَ‏:‏ عَلَى الْمَوْتِ‏.‏

5470 حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ الْحَرَّانِيُّ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عِكْرِمَةُ، عَنْ إِيَاسِ بْنِ سَلَمَةَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ‏:‏ خَرَجْنَا إِلَى خَيْبَرَ، فَكَانَ عَمِّي يَرْتَجِزُ بِالْقَوْمِ، وَهُوَ يَقُولُ‏:‏

وَاللَّهِ لَوْلا اللَّهُ مَا اهْتَدَيْنَا

وَلا تَصَدَّقْنَا وَلا صَلَّيْنَا

وَنَحْنُ عَنْ فَضْلِكَ مَا اسْتَغْنَيْنَا

فَثَبِّتِ الأَقْدَامَ إِنْ لاقَيْنَا

فَأَنْزِلَنْ سَكِينَةً عَلَيْنَا

فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم‏:‏ مَنْ هَذَا‏؟‏، قَالُوا‏:‏ عَامِرٌ، قَالَ‏:‏ غَفَرَ اللَّهُ لَكَ يَا عَامِرُ، وَمَا اسْتَغْفَرَ رَسُولُ اللَّهِ لِرَجُلٍ يَخُصُّهُ إِلا اسْتُشْهِدَ، فَنَادَى عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ‏:‏ يَا رَسُولَ اللَّهِ، لَوْمَا مَتَّعْتَنَا بِعَامِرٍ، فَلَمَّا قَدِمْنَا خَيْبَرَ خَرَجَ مَرْحَبٌ يَخْطِرُ بِسَيْفِهِ، وَهُوَ مَلِكُهُمْ، وَهُوَ يَقُولُ‏:‏

قَدْ عَلِمَتْ خَيْبَرُ أَنِّي مَرْحَبُ

شَاكِي السِّلاحِ بَطَلٌ مُجَرَّبُ

إِذَا الْحُرُوبُ أَقْبَلَتْ تَلَهَّبُ

قَالَ‏:‏ فَبَرَزَ لَهُ عَامِرٌ، فَقَالَ‏:‏

قَدْ عَلِمَتْ خَيْبَرُ أَنِّي عَامِرٌ

شَاكِي السِّلاحِ بَطَلٌ مُغَامِرُ

فَاخْتَلَفَا ضَرْبَتَيْنِ وَقَعَ سَيْفُ مَرْحَبٍ فِي تُرْسِ عَامِرٍ، وَذَهَبَ عَامِرٌ يَسْفُلُ لَهُ، فَرَجَعَ سَيْفُهُ عَلَى نَفْسِهِ، وَقَطَعَ أَكْحَلَهُ، فَكَانَتْ فِيهَا نَفْسُهُ، فَأَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَأَنَا أَبْكِي، فَقُلْتُ‏:‏ يَا رَسُولَ اللَّهِ، بَطُلَ عَمَلُ عَامِرٍ، فَقَالَ‏:‏ مَنْ قَالَ ذَاكَ‏؟‏، قُلْتُ‏:‏ نَفَرٌ مِنْ أَصْحَابِكَ، فَقَالَ‏:‏ كَذِبَ مَنْ قَالَ ذَلِكَ، بَلْ لَهُ أَجْرُهُ مَرَّتَيْنِ، ثُمَّ أَرْسَلَنِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى عَلِيٍّ، وَهُوَ أَرْمَدُ حَتَّى أَتَيْتُ بِهِ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، فَبَسَقَ فِي عَيْنِهِ، فَبَرَأَ ثُمَّ أَعْطَاهُ الرَّايَةَ، وَخَرَجَ مَرْحَبٌ، فَقَالَ‏:‏

قَدْ عَلِمَتْ خَيْبَرُ أَنِّي مَرْحَبُ

شَاكِي السِّلاحِ بَطَلٌ مُجَرَّبُ

إِذَا الْحُرُوبُ أَقْبَلَتْ تَلَهَّبُ

فَقَالَ عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ‏:‏

أَنَا الَّذِي سَمَّتْنِي أُمِّي حَيْدَرَهْ

كَلَيْثِ غَابَاتٍ كَرِيهِ الْمَنْظَرَهْ

أُوفِيهِمْ بِالصَّاعِ كَيْلَ السَّنْدَرَهْ

فَضَرَبَهُ فَفَلَقَ رَأْسَ مَرْحَبٍ فَقَتَلَهُ، وَكَانَ الْفَتْحُ عَلَى يَدَيْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ‏.‏

بيانُ الْخَبَرِ الدَّالِّ عَلَى أَنَّ الشَّهِيدَ فِي الْمَعْرَكَةِ جَائِزٌ غُسْلُهُ والصلاة عليه، وأن القاتل نفسه خطأ فى حرب العدو وهو شهيد يعطى أجره مرتين

5471 حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ سِنَانٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا صَفْوَانُ بْنُ عِيسَى، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ أَبِي عُبَيْدٍ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ الأَكْوَعِ، قَالَ‏:‏ لَمَّا خَرَجْنَا إِلَى خَيْبَرَ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم‏:‏ أَلا رَجُلٌ يُسْمِعُنَا‏؟‏، فَقَالَ عَامِرٌ‏:‏

اللَّهُمَّ لَوْلا أَنْتَ مَا اهْتَدَيْنَا *** وَلا تَصَدَّقْنَا وَلا صَلَّيْنَا

فَأَنْزِلِ السَّكِينَةَ عَلَيْنَا *** وَثَبِّتِ الأَقْدَامَ إِنْ لاقَيْنَا

قَالَ‏:‏ فَلَمَّا قَدِمْنَا خَيْبَرَ ضَرَبَ عَامِرٌ رَجُلا مِنَ الْيَهُودِ بِسَيْفِهِ، فَأَصَابَ ذُبَابُ السَّيْفِ رُكْبَةَ عَامِرٍ فَمَاتَ مِنْهَا، فَخَاضَ فِي ذَلِكَ نَاسٌ مِنَ الأَنْصَارِ، وَقَالُوا‏:‏ إِنَّ عَامِرًا قَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ، قَدْ قَتَلَ نَفْسَهُ، قَالَ‏:‏ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ قَوْمًا زَعَمُوا أَنَّ عَامِرًا حَبِطَ عَمَلُهُ، قَالَ‏:‏ مَنْ هَؤُلاءِ‏؟‏، قُلْتُ‏:‏ فُلانٌ وَفُلانٌ، قَالَ‏:‏ كَذَبُوا إِنَّ لِعَامِرٍ أَجْرَيْنِ اثْنَيْنِ، وَإِنَّ عَامِرًا جَاهَدٌ مُجَاهِدٌ‏.‏

5472 حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا مَكِّيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ أَبِي عُبَيْدٍ، عَنْ سَلَمَةَ، قَالَ‏:‏ لَمَّا خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى خَيْبَرَ، قَالَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ‏:‏ أَسْمِعْنَا يَا عَامِرُ مِنْ هُنَيَّاتِكَ، قَالَ‏:‏ فَحَدَا بِهِمْ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم‏:‏ مَنِ السَّائِقُ‏؟‏، قَالُوا‏:‏ عَامِرٌ، قَالَ‏:‏ رَحِمَهُ اللَّهُ، قَالَ عُمَرُ‏:‏ هَلا أَمْتَعْتَنَا‏؟‏ قَالَ‏:‏ فَأُصِيبَ صَبِيحَةَ لَيْلَتِهِ، فَقَالَ الْقَوْمُ‏:‏ حَبِطَ عَمَلُهُ، قَتَلَ نَفْسَهُ، فَلَمَّا رَجَعْتُ وَهُمْ يَتَحَدَّثُونَ أَنَّ عَامِرًا حَبِطَ عَمَلُهُ، فَقُلْتُ‏:‏ يَا نَبِيَّ اللَّهُ، فِدَاكَ أَبِي وَأُمِّي، زَعَمُوا أَنَّ عَامِرًا حَبِطَ عَمَلُهُ، قَالَ‏:‏ كَذِبَ مَنْ قَالَهَا، إِنَّ لَهُ أَجْرَهُ مَرَّتَيْنِ، إِنَّهُ لَجَاهِدٌ مُجَاهِدٌ، وَأَيُّ قَتْلٍ يَزِيدُكَ عَلَيْهِ‏.‏

5473 حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ الصَّنْعَانِيُّ، بِصَنْعَاءَ قَالَ‏:‏ أنبأ عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ‏:‏ أنبأ ابْنُ جُرَيْجٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنِي ابْنُ شِهَابٍ، قَالَ‏:‏ أَخْبَرَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ الأَنْصَارِيُّ، أَنَّ سَلَمَةَ بْنَ الأَكْوَعِ، قَالَ‏:‏ لَمَّا كَانَ يَوْمٌ أَظُنُّهُ خَيْبَرَ قَاتَلَ أَخِي قِتَالا شَدِيدًا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَارْتَدَّ عَلَيْهِ سَيْفُهُ فَقَتَلَهُ، فَقَالَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِيهِ‏:‏ رَجُلٌ مَاتَ بِسِلاحِهِ، وَشَكُّوا فِي بَعْضِ أَمْرِهِ، فَقَالَ سَلَمَةُ‏:‏ فَقَفَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ خَيْبَرَ، أَوْ قَالَ حُنَيْنٍ، فَقُلْتُ‏:‏ يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَتَأْذَنُ لِي أَنْ أَرْجُزَ بِكَ فَأَذِنَ لِي، فَقَالَ لِي عُمَرُ‏:‏ انْظُرْ مَا تَقُولُ، قَالَ‏:‏ فَقُلْتُ‏:‏

اللَّهُمَّ لَوْلا أَنْتَ مَا اهْتَدَيْنَا

وَمَا صُمْنَا وَلا صَلَّيْنَا

فَأَنْزِلَنْ سَكِينَةً عَلَيْنَا

وَثَبِّتِ الأَقْدَامَ إِنْ لاقَيْنَا

وَالْمُشْرِكُونَ قَدْ بَغَوْا عَلَيْنَا

إِذَا يَقُولُونَ اكْفُرُوا أَبَيْنَا فَلَمَّا قَضَيْتُ رَجَزِي، قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم‏:‏ مَنْ قَالَ هَذِهِ‏؟‏، قُلْتُ‏:‏ قَالَهَا أَخِي، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم‏:‏ يَرْحَمُهُ اللَّهُ، قَالَ‏:‏ فَقُلْتُ‏:‏ يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ أُنَاسًا لَيَهَابُونَ أَنْ يُصَلُّوا عَلَيْهِ، وَيَقُولُونَ رَجُلٌ مَاتَ بِسِلاحِهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم‏:‏ مَاتَ جَاهِدًا مُجَاهِدًا، قَالَ ابْنُ شِهَابٍ‏:‏ ثُمَّ أَتَيْتُ ابْنَ سَلَمَةَ، فَحَدَّثَنِي عَنْ أَبِيهِ مِثْلَ الَّذِي حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ‏:‏ غَيْرَ أَنَّ ابْنَ سَلَمَةَ بْنَ الأَكْوَعِ، قَالَ مَعَ ذَلِكَ‏:‏ حَتَّى قُلْتُ مَا قُلْتُ يَهَابُونَ الصَّلاةَ عَلَيْهِ، قَالَ‏:‏ مَاتَ جَاهِدًا مُجَاهِدًا، فَلَهُ أَجْرُهُ مَرَّتَيْنِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِأُصْبُعَيْهِ‏.‏

5474 حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ خُرَّزَاذَ الأَنْطَاكِيُّ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ كَثِيرِ بْنِ عُفَيْرٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنِي اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ خَالِدِ بْنِ مُسَافِرٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ، أَنَّ سَلَمَةَ بْنَ الأَكْوَعِ، قَالَ‏:‏ لَمَّا كَانَ يَوْمُ خَيْبَرَ، قَاتَلَ أَخِي قِتَالا شَدِيدًا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَارْتَدَّ عَلَيْهِ سَيْفُهُ فَقَتَلَهُ، فَقَالَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي ذَلِكَ‏:‏ رَجُلٌ مَاتَ فِي سِلاحِهِ، وَشَكُّوا فِي بَعْضِ أَمْرِهِ، قَالَ سَلَمَةُ‏:‏ فَلَمَّا قَفَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ خَيْبَرَ، قُلْتُ‏:‏ يَا رَسُولَ اللَّهِ، ائْذَنْ لِي أَنْ أَرْجُزَ بِكَ، فَأَذِنَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ‏:‏ اعْلَمْ مَا تَقُولُ، قَالَ‏:‏ فَقُلْتُ‏:‏

لَوْلا اللَّهُ مَا اهْتَدَيْنَا

فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم‏:‏ صَدَقْتَ

وَلا تَصَدَّقْنَا وَلا صَلَّيْنَا

فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم‏:‏ صَدَقْتَ

وَأَنْزِلَنْ سَكِينَةً عَلَيْنَا

وَثَبِّتِ الأَقْدَامَ إِنْ لاقَيْنَا

وَالْمُشْرِكُونَ قَدْ بَغَوْا عَلَيْنَا

قَالُوا اكْفُرُوا قُلْنَا لَهُمْ أَبَيْنَا فَلَمَّا قَضَيْتُ رَجَزِي، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم‏:‏ مَنْ قَالَ هَذَا‏؟‏، قُلْتُ‏:‏ قَالَهُ أَخِي، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم‏:‏ يَرْحَمُهُ اللَّهُ، قَالَ‏:‏ فَقُلْتُ‏:‏ يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ نَاسًا لَيَهَابُونَ الصَّلاةَ عَلَيْهِ، يَقُولُونَ‏:‏ رَجُلٌ مَاتَ بِسِلاحِهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم‏:‏ مَاتَ جَاهِدًا مُجَاهِدًا، قَالَ ابْنُ شِهَابٍ‏:‏ ثُمَّ سَأَلْتُ ابْنَ سَلَمَةَ بْنَ الأَكْوَعِ، فَحَدَّثَنِي عَنْ أبيه كَذَلِكَ الَّذِي حَدَّثَنِي بِهِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ، إِلا أَنَّهُ قَالَ حِينَ قُلْتُ‏:‏ إِنَّ نَاسًا لَيَهَابُونَ الصَّلاةَ عَلَيْهِ، وَقَدْ شَكُّوا فِي شَأْنِهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم‏:‏ كَذَبُوا مَاتَ جَاهِدًا مُجَاهِدًا، فَلَهُ أَجْرَانِ اثْنَانِ‏.‏

5475 حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَزِيزٍ الأَيْلِيُّ، حَدَّثَنَا سَلامَةُ، عَنْ عُقَيْلٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنِي ابْنُ شِهَابٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ، أَنَّ سَلَمَةَ بْنَ الأَكْوَعِ، قَالَ‏:‏ لَمَّا كَانَ يَوْمُ خَيْبَرَ، قَاتَلَ أَخِي مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قِتَالا شَدِيدًا، فَارْتَدَّ عَلَيْهِ سَيْفُهُ فَقَتَلَهُ، فَقَالَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي ذَلِكَ وَشَكُّوا فِي أَمْرِهِ‏:‏ رَجُلٌ مَاتَ بِسِلاحِهِ، فَشَكُّوْا فِي بَعْضِ أَمْرِهِ، قَالَ سَلَمَةُ‏:‏ فَقَفَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ خَيْبَرَ، فَقُلْتُ‏:‏ يَا رَسُولَ اللَّهِ، ائْذَنْ لِي أَرْجُزَ بِكَ، فَأَذِنَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، قَالَ‏:‏ فَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ‏:‏ اعْلَمْ مَا تَقُولُ، فَقُلْتُ‏:‏

وَاللَّهِ لَوْلا اللَّهُ مَا اهْتَدَيْنَا

وَلا تَصَدَّقْنَا وَلا صَلَّيْنَا

قَالَ‏:‏ فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم‏:‏ صَدَقْتَ

فَأَنْزِلَنْ سَكِينَةً عَلَيْنَا

وَثَبِّتِ الأَقْدَامَ إِنْ لاقَيْنَا

وَالْمُشْرِكُونَ قَدْ بَغَوْا عَلَيْنَا

فَلَمَّا قَضَيْتُ رَجَزِي، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم‏:‏ مَنْ قَالَ هَذَا‏؟‏، قُلْتُ‏:‏ قَالَهَا أَخِي، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم‏:‏ يَرْحَمُهُ اللَّهُ، بِمِثْلِهِ مُجْتَهِدًا، قَالَ ابْنُ شِهَابٍ‏:‏ ثُمَّ سَأَلْتُ ابْنَ سَلَمَةَ بْنَ الأَكْوَعِ، فَحَدَّثَنِي عَنْ أَبِيهِ، مِثْلَ الَّذِي حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ غَيْرَ أَنَّهُ قَالَ‏:‏ قَالَ‏:‏ فَلَهُ أَجْرُهُ مَرَّتَيْنِ، قَالَ‏:‏ وَأَشَارَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِأُصْبُعَيْهِ‏.‏

5476 حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ السِّجْزِيُّ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، عَنْ يُونُسَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، قَالَ‏:‏ أَخْبَرَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ، أَنَّ سَلَمَةَ بْنَ الأَكْوَعِ، قَالَ‏:‏ لَمَّا كَانَ يَوْمُ خَيْبَرَ قَاتَلَ أَخِي قِتَالا شَدِيدًا، فَارْتَدَّ عَلَيْهِ سَيْفُهُ فَقَتَلَهُ، فَقَالَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَشَكُّوا فِيهِ لأَنَّهُ مَاتَ بِسِلاحِهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم‏:‏ مَاتَ جَاهِدًا مُجَاهِدًا، قَالَ ابْنُ شِهَابٍ‏:‏ ثُمَّ سَأَلْتُ ابْنَ سَلَمَةَ بْنَ الأَكْوَعِ، فَحَدَّثَنِي عَنْ أَبِيهِ بِمِثْلِ ذَلِكَ، غَيْرَ أَنَّهُ قَالَ‏:‏ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم‏:‏ كَذَبُوا، مَاتَ جَاهِدًا مُجَاهِدًا، فَلَهُ أَجْرُهُ مَرَّتَيْنِ‏.‏

بَيَانُ السُّنَّةِ فِيمَنْ يَأْخُذُهُ الْعَدُوُّ فَيُعْطِيهِمْ عَهْدَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَمِيثَاقَهُ أنه لا يعين عليهم، والدليل على إيجاب الأيمان المكرهة

5477 حَدَّثَنَا عَبَّاسٌ الدُّورِيُّ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى، قَالَ‏:‏ أنبأ الْوَلِيدُ بْنُ جُمَيْعٍ، عَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ، عَنْ حُذَيْفَةَ بْنِ الْيَمَانِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ‏:‏ مَا مَنَعَنَا أَنْ نَشْهَدَ بَدْرًا إِلا أَنِّي خَرَجْتُ أَنَا، وأَبِي نُرِيدُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَأَخَذَنَا كُفَّارُ قُرَيْشٍ، فَقَالُوا‏:‏ إِنَّكُمْ تُرِيدُونَ مُحَمَّدًا‏؟‏ فَقُلْنَا‏:‏ مَا نُرِيدُهُ إِنَّمَا نُرِيدُ الْمَدِينَةَ، فَأَخَذُوا عَلَيْنَا عَهْدَ اللَّهِ وَمِيثَاقَهُ، لَنَنْصَرِفَنَّ إِلَى الْمَدِينَةِ، وَلا نُقَاتِلُ مَعَ مُحَمَّدٍ، أَوْ قَالَ‏:‏ وَلا نُقَاتِلَنَّ مَعَ مُحَمَّدٍ، فَلَمَّا جَاوَزْنَاهُمْ أَتَيْنَا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، أَخْبَرْنَاهُ الْخَبَرَ، فَقَالَ‏:‏ انْصَرِفَا، نَفْي لَهُمْ بِعَهْدِهِمْ، وَنَسْتَعِينُ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ‏.‏

5478 حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ الْحَرَّانِيُّ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ عَوْنٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ جَمِيعٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنِي أَبُو الطُّفَيْلِ، عَنْ حُذَيْفَةَ، قَالَ‏:‏ مَا مَنَعَنَا أَنْ نَشْهَدَ بَدْرًا إِلا أَنَّا أَقْبَلْنَا أَنَا، وأَبِي يَعْنِي الْيَمَانَ نُرِيدُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِبَدْرٍ، عَارَضَنَا كُفَّارُ قُرَيْشٍ فَأَخَذُونَا، فَقَالَ‏:‏ إِنَّكُمْ تُرِيدُونَ مُحَمَّدًا‏؟‏ قَالَ‏:‏ قُلْنَا‏:‏ مَا نُرِيدُهُ، قَالَ‏:‏ فَأَعْطُونَا عَهْدَ اللَّهِ وَمِيثَاقَهُ لَتَنْصَرِفُنَّ إِلَى الْمَدِينَةِ، وَلا تُقَاتِلُونَا فَأَعْطَيْنَاهُمْ عَهْدَ اللَّهِ وَمِيثَاقَهُ لَنَنْصَرِفَنَّ إِلَى الْمَدِينَةِ، قَالَ‏:‏ فَأَتَيْنَا النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَأَخْبَرْنَاهُ بِذَلِكَ، فَقَالَ‏:‏ نَسْتَعِينُ اللَّهَ عَلَيْهِمْ، وَنَفْي لَهُمْ بِعَهْدِهِمْ، ارْجِعَا إِلَى الْمَدِينَةِ، فَذَلِكَ الَّذِي مَنَعَنَا‏.‏

5479 حَدَّثَنَا أَبُو أُمَيَّةَ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنِ الْوَلِيدِ بْنِ جَمِيعٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا أَبُو الطُّفَيْلٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا حُذَيْفَةُ بْنُ الْيَمَانِ، قَالَ‏:‏ مَا مَنَعَنِي أَنْ أَشْهَدَ بَدْرًا إِلا أَنِّي خَرَجْتُ أَنَا وَأَبِي، فَأَخَذَنَا كُفَّارُ قُرَيْشٍ، فَقَالَ‏:‏ إِنَّكُمْ تُرِيدُونَ مُحَمَّدًا، فَقُلْنَا‏:‏ مَا نُرِيدُ إِلا الْمَدِينَةَ، فَأَخَذُوا مِنَّا عَهْدَ اللَّهِ وَمِيثَاقَهُ لَنَنْصَرِفَنَّ إِلَى الْمَدِينَةِ، وَلا نُقَاتِلُ مَعَهُ، فَأَتَيْنَا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَأَخْبَرْنَاهُ الْخَبَرَ، فَقَالَ‏:‏ انْصَرِفَا، نَفِي لَهُمْ بِعَهْدِهِمْ، وَنَسْتَعِينُ اللَّهَ تَعَالَى عَلَيْهِمْ‏.‏

بَيَانُ السُّنَّةِ فِي تَوْجِيهِ الطَّلِيعَةِ والمخاطرة به، والسنة فى ترك التعرض للعدو إن قدر على ذلك، وثوابه وثواب حارس المسلمين

5480 حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الصَّائِغُ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ‏:‏ كُنَّا عِنْدَ حُذَيْفَةَ، فَقَالَ رَجُلٌ‏:‏ لَوْ أَدْرَكْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَاتَلْتُ مَعَهُ وَأَبْلَيْتُ، فَقَالَ حُذَيْفَةُ‏:‏ أَنْتَ كُنْتَ تَفْعَلُ، لَقَدْ رَأَيْتُنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَيْلَةَ الأَحْزَابِ، وَأَخَذَتْنَا رِيحٌ شَدِيدَةٌ وَقَرٌ، وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم‏:‏ أَلا رَجُلٌ يَأْتِينَا بِخَبَرِ الْقَوْمِ جَعَلَهُ اللَّهُ مَعِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ‏؟‏، فَسَكَتْنَا فَلَمْ يُجِبْهُ مِنَّا أَحَدٌ، ثُمَّ قَالَ‏:‏ أَلا رَجُلٌ يَأْتِينَا بِخَبَرِ الْقَوْمِ جَعَلَهُ اللَّهُ مَعِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ‏؟‏، فَسَكَتْنَا فَلَمْ يُجِبْهُ أَحَدٌ مِنَّا، فَقَالَ‏:‏ قُمْ يَا حُذَيْفَةُ، فَأْتِنَا بِخَبَرِ الْقَوْمِ، فَلَمْ أَجِدْ بُدًّا إِذْ دَعَانِي بِاسْمِي أَنْ أَقُومَ، قَالَ‏:‏ اذْهَبْ فَأْتِنِي بِخَبَرِ الْقَوْمِ وَلا تَذْعَرْهُمْ عَلَيَّ، فَلَمَّا وَلَّيْتُ مِنْ عِنْدِهِ جَعَلْتُ كَأَنَّمَا أَمْشِي فِي حَمَّامٍ، حَتَّى أَتَيْتُهُمْ فَرَأَيْتُ أَبَا سُفْيَانَ يُصْلِي ظَهْرَهُ بِالنَّارِ، فَوَضَعْتُ سَهْمًا فِي كَبِدِ الْقَوْسِ، فَأَرَدْتُ أَنْ أَرْمِيَهُ، فَذَكَرْتُ قَوْلَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم‏:‏ لا تَذْعَرْهُمْ عَلَيَّ، وَلَوْ رَمَيْتُهُ لأَصَبْتُهُ، فَرَجَعْتُ وَأَنْا أَمْشِي فِي مِثْلِ الْحَمَّامِ، فَلَمَّا أَتَيْتُهُ فَأَخْبَرْتُهُ خَبَرَ الْقَوْمِ، وَفَرَغْتُ قُرِرْتُ

فَأَلْبَسَنِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ فَضْلِ عَبَاءَةٍ كَانَتْ عَلَيْهِ يُصَلِّي فِيهَا، فَلَمْ أَزَلْ نَائِمًا حَتَّى أَصْبَحْتُ‏.‏

5481 حَدَّثَنَا الصَّغَانِيُّ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بُكَيْرٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا خَالِدٌ يَعْنِي ابْنَ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِي سَعْدٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ‏:‏ قَالَ رَجُلٌ عِنْدَ حُذَيْفَةَ‏:‏ لَوْ كُنْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَخَدَمْتُهُ وَلَفَعَلْتُ، فَقَالَ حُذَيْفَةُ‏:‏ لَقَدْ رَأَيْتُنَا لَيْلَةَ الأَحْزَابِ، وَالنَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ‏:‏ أَلا رَجُلٌ يَأْتِي هَؤُلاءِ الْقَوْمِ فَيَأْتِينَا بِخَبَرِهِمْ‏؟‏، قَالَ‏:‏ فَمَا قَامَ أَحَدٌ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم‏:‏ يَا أَبَا بَكْرٍ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ‏:‏ اعْفِنِي، فَقَالَ‏:‏ يَا عُمَرُ، فَقَالَ عُمَرُ‏:‏ يَا رَسُولَ اللَّهِ، اعْفِنِي، فَقَالَ‏:‏ يَا حُذَيْفَةُ، فَقُلْتُ‏:‏ لَبَّيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ‏:‏ انْطَلِقْ إِلَى هَؤُلاءِ الْقَوْمِ، فَأْتِنِي بِخَبَرِهِمْ، وَلا تُحْدِثَنَّ شَيْئًا حَتَّى تَرْجِعَ، قَالَ‏:‏ فِي لَيْلَةٍ قُرَّةٍ شَدِيدَةِ الْقُرِّ، فَقَالَ‏:‏ اللَّهُمَّ احْفَظْهُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ، وَمِنْ خَلْفِهِ، وَعَنْ يَمِينِهِ، وَعَنْ يَسَارِهِ حَتَّى يَرْجِعَ، قَالَ‏:‏ فَأَخَذْتُ قَوْسِي وَشَدَدْتُ عَلَيَّ ثِيَابِي، فَانْطَلَقْتُ حَتَّى أَتَيْتُ الْقَوْمَ فَإِذَا هُمْ عِنْدَ نَارِهِمْ يَصْطَلُونَ، قَالَ‏:‏ وَإِذَا أَبُو سُفْيَانَ فِي الْقَوْمِ، قَالَ‏:‏ فَجَلَسْتُ بَيْنَ رَجُلَيْنِ، قَالَ‏:‏ فَقَالَ أَبُو سُفْيَانَ‏:‏ أَفِيكُمْ مِنْ غَيْرِكُمْ، لَعَلَّ فِيكُمْ غَيْرَكُمْ لِيَنْظُرِ الرَّجُلُ جَلِيسَهُ، قَالَ‏:‏ فَبَادَرْتُ صَاحِبِي، وَقُلْتُ‏:‏ مَنْ أَنْتَ‏؟‏ فَقَالَ‏:‏ أَنَا فُلانٌ، قَالَ‏:‏ فَأَرْسَلَ اللَّهُ عَلَيْهِمُ الرِّيحَ، قَالَ‏:‏ فَقَطَعَتْ أَطْنَابَهُمْ، وَأَطْفَتْ نَارَهُمْ، وَلَقُوا شِدَّةً وَبَلاءً، قَالَ‏:‏ فَجَعَلَ الرَّجُلُ يَثِبُ إِلَى بَعِيرِهِ، وَإِنَّهُ لَمَعْقُولٌ، قَالَ‏:‏ فَأَخَذْتُ قَوْسِي ثُمَّ أَخَذْتُ سَهْمًا مِنْ كِنَانَتِي فَوَضَعْتُهُ فِي كَبِدِ قَوْسِي، ثُمَّ هَمَمْتُ أَنْ أَرْمِيَ أَبَا سُفْيَانَ بْنِ حَرْبٍ، ثُمَّ ذَكَرْتُ قَوْلَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم‏:‏ لا تُحْدِثَنَّ شَيْئًا حَتَّى تَرْجِعَ، قَالَ‏:‏ فَرَدَدْتُ سَهْمِي، ثُمَّ رَجَعْتُ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَأَخْبَرْتُهُ الْخَبَرَ، وَلَكَأَنِّي أَمْشِي فِي حَمَّامٍ ذَاهِبًا وجَائِيًا، قَالَ‏:‏ فَلَمَّا انْتَهَيْتُ أَخْبَرْتُهُ عَادَ إِلَيَّ الْقُرُّ، فَأَخَذَتْنِي الرِّعْدَةُ مِنْ شِدَّةِ الْقُرِّ، قَالَ فَجَعَلْتُ أَدْنُو مِنْ قَدَمِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قُرْبًا سَرَّهُ، حَدَّثَنَا عَبَّاسٌ الدُّورِيُّ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ، عَنْ أَبِي سَعْدٍ، بِإِسْنَادِهِ نَحْوَهُ‏.‏

5482 حَدَّثَنَا أَبُو أُمَيَّةَ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا أَبُو حُذَيْفَةَ بْنُ مُوسَى بْنِ مَسْعُودٍ الثَّقَفِيُّ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عِكْرِمَةُ بْنُ عَمَّارٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عُبَيْدٍ أَبِي قُدَامَةَ الْحَنَفِيِّ، عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ ابْنِ أَخِي حُذَيْفَةَ، قَالَ‏:‏ ذَكَرَ حُذَيْفَةُ مَشَاهِدَهُمْ مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ جُلَسَاؤُهُ‏:‏ أَمَا وَاللَّهِ لَو كُنَّا شَهِدْنَا لَفَعَلْنَا وَلَفَعَلْنَا، فَقَالَ حُذَيْفَةُ‏:‏ لا تَمَنَّوْا ذَلِكَ، فَلَقَدْ رَأَيْتُنَا لَيْلَةَ الأَحْزَابِ، وَنَحْنُ صَافُّونَ قُعُودًا أَبُو سُفْيَانَ، وَمَنْ مَعَهُ مِنَ الأَحْزَابِ فَوْقَنَا، وَقُرَيْظَةُ الْيَهُودِ أَسْفَلُ مِنَّا، نَخَافُهُمْ عَلَى ذَرَارِينَا، وَمَا أَتَتْ عَلَيْنَا لَيْلَةٌ أَشَدُّ ظُلْمَةً، وَلا أَشَدُّ رِيحًا مِنْهَا فِي أَصْوَاتِ رِيحِهَا أَمْثَالُ الصَّوَاعِقِ، وَهِيَ مُظْلِمَةٌ مَا يَرَى أَحَدُنَا إِصْبَعَهُ، وَجَعَلَ الْمُنَافِقُونَ يَسْتَأْذِنُونَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَيَقُولُونَ‏:‏ بُيوتُنَا عَوْرَةٌ، وَمَا هِيَ بِعَوْرَةٍ، فَمَا يَسْتَأْذِنُهُ أَحَدٌ مِنْهُمْ إِلا أَذِنَ لَهُ فَيَأْذَنَ لَهُمْ فَيَنْسَلُّونَ، وَنَحْنُ ثَلاثُمِائَةٍ أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ، إِذِ اسْتَقْبَلَنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم رَجُلا رَجُلا، فَقَالَ‏:‏ مَنْ يَأْتِينَا بِخَبَرِ الْقَوْمِ اللَّيْلَةَ جَعَلَهُ اللَّهُ رَفِيقًا لِمُحَمَّدٍ يَوْمَ الْقِيَامَةِ‏؟‏، قَالَ‏:‏ فَمَا مِنْهُمْ رَجُلٌ يَقُومُ، قَالَ‏:‏ فَمَا زَالَ يَسْتَقْبِلُهُمْ رَجُلا رَجُلا حَتَّى مَرَّ عَلَيَّ، وَمَا عَلَيَّ جُنَّةٌ مِنَ الْعَدُوِّ، وَلا مِنَ الْبَرْدِ إِلا مِرْطٌ لا يُجَاوِزُ رُكْبَتِي، قَالَ‏:‏ فَأَتَانِي وَأَنَا جَاثِي عَلَى رُكْبَتِي، فَقَالَ‏:‏ مَنْ هَذَا‏؟‏، فَقَالَ حُذَيْفَةُ‏:‏

قَالَ‏:‏ حُذَيْفَةُ‏؟‏، فَتَقَاصَرْتُ بِالأَرْضِ، فَقُلْتُ‏:‏ بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ، كَرَاهِيَةَ أَنْ أَقُومَ، فَقَالَ‏:‏ قُمْ، فَقُمْتُ، فَقَالَ‏:‏ إِنَّهُ كَائِنٌ فِي الْقَوْمِ خَبَرٌ فَأْتِنِي بِخَبَرِ الْقَوْمِ، قَالَ‏:‏ وَأَنَا مِنْ أَشَدِّ الرِّجَالِ فَزَعًا وَأَشَدُّهُمْ قُرًّا، فَخَرَجْتُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم‏:‏ اللَّهُمَّ احْفَظْهُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ، وَمِنْ خَلْفِهِ، وَعَنْ يَمِينِهِ، وَعَنْ شِمَالِهِ، وَمِنْ فَوْقِهِ، وَمِنْ تَحْتِهِ، قَالَ‏:‏ فَوَاللَّهِ مَا خَلَقَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فَزَعًا وَلا قُرًّا أَجِدُهُ فِي جَوْفِي إِلا خَرَجَ مِنْ جَوْفِي حَتَّى إِذَا دَنَوْتُ مِنْ عَسْكَرِ الْقَوْمِ نَظَرْتُ فِي ضَوْءِ نَارٍ لَهُمْ تُوقَدُ، وَإِذَا رَجُلٌ ضَخْمٌ آدَمٌ يَقُولُ بِيَدَيْهِ عَلَى النَّارِ وَيُسَخِّنُ خَاصِرَتَهُ، وَيَقُولُ‏:‏ الرَّحِيلَ، وَلَمْ أَكُنْ أَعْرِفُ أَبَا سُفْيَانَ قَبْلَ ذَلِكَ، فَانْتَزَعْتُ سَهْمًا مِنْ كِنَانَتِي أَبْيَضَ الرِّيشِ فَأَضَعُهُ عَلَى كَبِدِ قَوْسِي لأَرْمِي بِهِ فِي ضَوْءِ النَّارِ، فَذَكَرْتُ قَوْلَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم‏:‏ لا تُحْدِثَنَّ شَيْئًا حَتَّى تَأْتِي، فَأَمْسَكْتُ وَرَدَدْتُ سَهْمِي، ثُمَّ إِنِّي شَجَّعْتُ نَفْسِي حَتَّى دَخَلْتُ الْعَسْكَرَ، فَإِذَا أَدْنَى النَّاسِ بَنِي عَامِرٍ، وَيَقُولُونَ‏:‏ يَا آلَ عَامِرٍ، الرَّحِيلَ، لا مُقَامَ لَكُمْ، وَإِنَّ الرِّيحَ فِي عَسْكَرِهِمْ مَا تُجَاوِزُ عَسْكَرَهُمْ شِبْرًا، قَدْ دَفَنَتْ رِحَالَهُمْ وَطَنَافِسَهُمْ، يَسْتَتِرُونَ بِهَا مِنَ التُّرَابِ، فَجَلَسْتُ بَيْنَ اثْنَيْنِ، فَلَمَّا اسْتَوَيْتُ بَيْنَهُمَا قَالَ ذَلِكَ الرَّجُلُ‏:‏ اللَّيْلَةُ لَيْلَةُ طَلائِعٍ، فَلْيَسْأَلْ كُلُّ رَجُلٍ جَلِيسَهُ، فَوَاللَّهِ إِنِّي لأَسْمَعُ صَوْتَ

الْحِجَارَةِ فِي رِحَالِهِمْ وَفُرُشِهِمْ، الرِّيحُ تَضْرِبُهُمْ بِهَا فَقُلْتُ لِلَّذِي عَنْ يَمِينِي‏:‏ مَنْ أَنْتَ‏؟‏ وَقُلْتُ لِلَّذِي عَنْ شِمَالِي مَنْ أَنْتَ‏؟‏ ثُمَّ خَرَجْتُ نَحْوَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَلَمَّا انْتَصَفَ بِيَ الطَّرِيقُ أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ إِذَا أَنَا بِنَحْوٍ مِنْ عِشْرِينَ فَارِسًا مُعْتَمِّينَ، فَقَالُوا لِي‏:‏ أَخْبِرْ صَاحِبَكَ أَنَّ اللَّهَ قَدْ كَفَاهُ الْقَوْمَ، فَرَجَعْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَهُوَ مُشْتَمِلٌ بِشَمْلَةٍ يُصَلِّي، فَوَاللَّهِ مَا عَدَا أَنْ رَجَعْتُ رَجَعَ إِلَيَّ الْقُرُّ رَجَعْتُ أُقَرْقِفُ، فَأَوْمَأَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَيَّ بِيَدِهِ، وَهُوَ يُصَلِّي فَدَنَوْتُ مِنْهُ فَأَسْبَلَ عَلَيَّ شَمْلَتَهُ، وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا حَزَبَهُ أَمْرٌ صَلَّى فَأُخْبِرَ خَبَرَ الْقَوْمِ، وَأُخْبِرَ أَنَّهُمْ يَتَرَحَّلُونَ فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ‏:‏ ‏{‏يَأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَاءَتْكُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلْنَا‏}‏ ‏[‏سورة الأحزاب آية 9‏]‏، إِلَى آخِرِ الآيَةِ‏.‏

5483 حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي رَجَاءٍ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا شُعَيْبُ بْنُ حَرْبٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُنْكَدِرِ، عَنْ جَابِرٍ ‏(‏ح‏)‏ وَأَخْبَرَنَا يُوسُفُ الْقَاضِي، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ وَهْبِ بْنِ كَيْسَانَ، قَالَ‏:‏ أَشْهَدُ عَلَى جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، يُحَدِّثُنَا أَنَّهُ لَمَّا كَانَ يَوْمُ الْخَنْدَقِ اشْتَدَّ الأَمْرُ، قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فِي الثَّالِثَةِ‏:‏ إِنَّ لِكُلِّ نَبِيٍّ حَوَارِيًّا، وَإِنَّ الزُّبَيْرَ حَوَارِيَّ‏.‏

5484 حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الأَعْلَى، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ، سَمِعَ جَابِرًا، يَقُولُ‏:‏ نَدَبَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم النَّاسَ يَوْمَ الْخَنْدَقِ، فَانْتَدَبَ الزُّبَيْرُ، ثُمَّ نَدَبَهُمْ، فَانْتَدَبَ الزُّبَيْرُ، ثُمَّ نَدَبَهُمْ، فَانْتَدَبَ الزُّبَيْرُ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم‏:‏ لِكُلِّ نَبِيٍّ حَوَارِيٌّ، وَحَوَارِيَّ الزُّبَيْرُ، قَالَ يُونُسُ‏:‏ قَالَ لَنَا سُفْيَانُ‏:‏ والْحَوَارِيُّ النَّاصِرُ‏.‏

بَيَانُ الشِّدَّةِ الَّتِي أَصَابَتِ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم وَأَصْحَابَهُ فِي غزوة ذات الرقاع، ويوم أحد ومحاربته أعداءه

5485 حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ، وَأَبُو الْبَخْتَرِيِّ الْعَنْبَرِيُّ، قَالا‏:‏ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ بُرَيْدٍ، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَبِي مُوسَى رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ‏:‏ خَرَجْنَا مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي غَزَاةٍ، وَنَحْنُ سِتَّةُ نَفَرٍ، بَيْنَنَا بَعِيرٌ نَعْتَقِبُهُ، فَنَقِبَتْ أَقْدَامُنَا، فَنَقِبَتْ قَدَمَايَ، وَسَقَطَتْ أَظْفَارِي، فَكُنَّا نَلُفُّ عَلَى أَرْجُلِنَا الْخِرَقَ، قَالَ‏:‏ فَسُمِّيَتْ غَزْوَةَ ذَاتِ الرِّقَاعِ مِمَّا كُنَّا نَعْصِبُ عَلَى أَرْجُلِنَا مِنَ الْخِرَقِ، فَقَالَ أَبُو بُرْدَةَ‏:‏ فَحَدَّثَنَا أَبُو مُوسَى بِهَذَا الْحَدِيثِ، ثُمَّ كَرِهَ ذَاكَ، قَالَ‏:‏ مَا كُنْتُ أَصْنَعُ بِأَنْ أَذْكُرَهُ كَأَنَّهُ كَرِهَ أَنْ يَكُونَ شَيْئًا مِنْ عَمَلِهِ أَفْشَاهُ، وَقَالَ‏:‏ وَاللَّهُ يَجْزِي بِهِ، قَالَ أَبُو الْبَخْتَرِيِّ‏:‏ قَالَ أَبُو أُسَامَةَ‏:‏ وَزَادَنِي غَيْرُهُ‏:‏ وَاللَّهُ يَجْزِي بِهِ‏.‏

5486 حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ سَيْفٍ الْحَرَّانِيُّ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَعْيَنَ، وَأَبُو جَعْفَرَ بْنُ نُفَيْلٍ، قَالا‏:‏ حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ، سَمِعْتُ الْبَرَاءَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يُحَدِّثُ ‏(‏ح‏)‏ وَحَدَّثَنَا هِلالُ بْنُ الْعَلاءِ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا حُسَيْنُ بْنُ عَيَّاشٍ أَبُو بَكْرٍ السُّلَمِيُّ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ مُعَاوِيَةَ أَبُو خَيْثَمَةَ الْجُعْفِيُّ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، قَالَ‏:‏ سَمِعْتُ الْبَرَاءَ، يُحَدِّثُ قَالَ‏:‏ جَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى الرُّمَاةِ يَوْمَ أُحُدٍ، وَكَانُوا خَمْسِينَ رَجُلا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ جُبَيْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، وَقَالَ‏:‏ إِنْ رَأَيْتُمُونَا يَتَخَطَّفُنَا الطَّيْرُ، فَلا تَبْرَحُوا مِنْ مَكَانِكُمْ هَذَا حَتَّى أُرْسِلَ إِلَيْكُمْ، وَإِنْ رَأَيْتُمُونَا هَزَمْنَا الْقَوْمَ وَأَوْطَأْتُهُمْ، وَقَالَ حُسَيْنٌ‏:‏ وَأَوْطَأْنَاهُمْ فَلا تَبْرَحُوا حَتَّى أُرْسِلَ إِلَيْكُمْ، قَالَ‏:‏ فَهَزَمَهُمُ اللَّهُ، فَأَنَا وَاللَّهِ رَأَيْتُ النِّسَاءَ يَشْتَدُّونَ عَلَى الْجَبَلِ قَدْ بَدَتْ خَلاخِلُهُنَّ وَسُوقُهُنَّ رَافِعَاتٍ ثِيَابَهُنَّ، فَقَالَ أَصْحَابُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جُبَيْرٍ الْغَنِيمَةَ‏:‏ أَيْ قَوْمِ الْغَنِيمَةَ ظَهْرَ أَصْحَابُكُمْ فَمَا تَنْتَظِرُونَ‏؟‏ فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جُبَيْرٍ‏:‏ أَنَسِيتُمْ مَا قَالَ لَكُمْ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم‏؟‏ فَقَالُوا‏:‏ إِنَّا وَاللَّهِ لَنَأْتِيَنَّ النَّاسَ، فَلَنُصِيبَنَّ مِنَ الْغَنِيمَةِ، فَلَمَّا أَتَوْهُمْ صُرِفَتْ وجُوهُهُمْ فَأَقْبَلُوا مُنْهَزِمِينَ، وَقَالَ حُسَيْنٌ‏:‏ فَذَلِكَ إِذْ يَدْعُوهُمُ الرَّسُولُ فِي أُخْرَاهُمْ، فَلَمْ يَبْقَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله

عليه وسلم - غَيْرُ اثْنَيْ عَشَرَ رَجُلا فَأَصَابُوا مِنَّا سَبْعِينَ، وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَصَابَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ يَوْمَ بَدْرٍ أَرْبَعِينَ وَمِائَةً سَبْعِينَ أَسِيرًا وَسَبْعِينَ قَتِيلا، فَقَالَ أَبُو سُفْيَانَ‏:‏ أَفِي الْقَوْمِ مُحَمَّدٌ‏؟‏ أَفِي الْقَوْمِ مُحَمَّدٌ‏؟‏ فَنَهَاهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ يُجِيبُوهُ، ثُمَّ قَالَ‏:‏ أَفِي الْقَوْمِ ابْنُ أَبِي قُحَافَةَ‏؟‏ ثَلاثَ مَرَّاتٍ، أَفِي الْقَوْمِ ابْنُ الْخَطَّابِ‏؟‏ ثَلاثَ مَرَّاتٍ ثُمَّ رَجَعَ إِلَى أَصْحَابِهِ، فَقَالَ‏:‏ أَمَّا هَؤُلاءِ فَقَدْ قُتِلُوا، قَالَ فَمَا مَلَكَ عُمَرُ نَفْسَهُ، فَقَالَ‏:‏ كَذَبْتَ وَاللَّهِ يَا عَدُوَّ اللَّهِ، إِنَّ الَّذِينَ عَدَدْتَ لأَحْيَاءٌ كُلُّهُمْ، وَقَدْ بَقِيَ لَكَ مَا يَسُوءُكَ، فَقَالَ أَبُو سُفْيَانَ‏:‏ يَوْمٌ بِيَوْمِ بَدْرٍ، وَالْحَرْبُ سِجَالٌ، إِنَّكُمْ سَتَجِدُونَ فِي الْقَوْمِ مُثْلَةً لَمْ آمُرْ بِهَا وَلَمْ تَسُؤْنِي، ثُمَّ أَخَذَ يَرْتَجِزُ اعْلُ هُبَلْ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم‏:‏ أَلا تُجِيبُوهُ‏؟‏، قَالُوا‏:‏ يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا نَقُولُ‏؟‏، قَالَ‏:‏ قُولُوا‏:‏ اللَّهُ أَعْلَى وَأَجَلُّ، قَالَ‏:‏ إِنَّ لَنَا الْعُزَّى وَلا عُزَّى لَكُمْ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم‏:‏ أَلا تُجِيبُوهُ‏؟‏، قَالُوا‏:‏ يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا نَقُولُ‏؟‏، قَالَ‏:‏ قُولُوا‏:‏ اللَّهُ مَوْلانَا وَلا مَوْلَى لَهُمْ، هَذَا لَفْظُ حَدِيثِ أَبِي دَاوُدَ، وَحَدِيثِ الْحَسَنِ بِمِثْلِهِ، وَقَالَ‏:‏ اعْلُ هُبَلْ، اعْلُ هُبَلْ مَرَّتَيْنِ، وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم‏:‏ أَلا تُجِيبُونَهُ‏؟‏، وَقَالَ‏:‏ قُولُوا‏:‏ اللَّهُ مَوْلانَا وَلا مَوْلَى لَهُمْ، أَوْ لَكُمْ، وَالْبَقِيَّةُ كُلَّهُ مِثْلَهُ‏.‏

5487 حَدَّثَنَا الصَّغَانِيُّ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ ‏(‏ح‏)‏ وَحَدَّثَنَا أَبُو أُمَيَّةَ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا أَبُو غَسَّانَ، وَالنُّفَيْلِيُّ، قَالا‏:‏ حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ، قَالَ‏:‏ سَمِعْتُ الْبَرَاءَ بْنَ عَازِبٍ، يُحَدِّثُ قَالَ‏:‏ جَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى الرُّمَاةِ يَوْمَ أُحُدٍ، وَكَانُوا خَمْسِينَ رَجُلا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ جُبَيْرٍ وَضَعَهُمْ مَكَانًا، وَقَالَ لَهُمْ‏:‏ إِنْ رَأَيْتُمُونَا تَخْطَفُنَا الطَّيْرُ، فَلا تَبْرَحُوا مَكَانَكُمْ هَذَا حَتَّى أُرْسِلَ إِلَيْكُمْ، وَإِنْ رَأَيْتُمُونَا هَزَمْنَا الْقَوْمَ وَأَوْطَأْنَاهُمْ، فَلا تَبْرَحُوا حَتَّى أُرْسِلَ إِلَيْكُمْ، وَسَارُوا، وَقَالُوا‏:‏ مَضَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِيمَنْ مَعَهُ فَهَزَمَهُمْ، فَأَنَا وَاللَّهِ رَأَيْتُ النِّسَاءَ يَشْتَدِدْنَ عَلَى الْجَبَلِ قَدْ بَدَتْ خَلاخِلُهُنَّ وَسُوقُهُنَّ رَافِعَاتٍ بِثَوْبِهِنَّ، فَذَكَرَ الْحَدِيثَ بِمِثْلِهِ، وَقَالَ‏:‏ فَذَاكَ إِذْ يَدْعُوهُمُ الرَّسُولُ، وَقَالَ‏:‏ قُولُوا‏:‏ اللَّهُ مَوْلانَا وَلا مَوْلَى لَكُمْ‏.‏

5488 حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي رَجَاءٍ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا شُعَيْبُ بْنُ حَرْبٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، قَالَ‏:‏ سَمِعْتُ الْبَرَاءَ، يَقُولُ‏:‏ لَمَّا قُتِلَ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَنْ قُتِلَ يَوْمَ أُحُدٍ، قَامَ أَبُو سُفْيَانَ عَلَى نَشَزٍ، فَقَالَ‏:‏ أَفِي الْقَوْمِ مُحَمَّدٌ‏؟‏ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم‏:‏ لا تُجِيبُوهُ، وَقَالَ فِي آخِرِهِ، قَالَ‏:‏ أَبُو سُفْيَانَ‏:‏ الْحَرْبُ سِجَالٌ يَوْمٌ بِيَوْمِ بَدْرٍ‏.‏

5489 حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّائِغُ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ‏:‏ بَارَزْتُ سَبْعِينَ مِنَ الأَنْصَارِ يَوْمَ أُحُدٍ، وَسَبْعِينَ يَوْمَ بِئْرِ مَعُونَةَ، وَسَبْعِينَ يَوْمَ مُؤْتَةَ، وَسَبْعِينَ يَوْمَ الْيَمَامَةِ‏.‏

5490 حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ حَبِيبٍ، وَأَبُو أُمَيَّةَ، قَالا‏:‏ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ الْمُغِيرَةِ الْقَيْسِيُّ، عَنْ ثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ‏:‏ كَانَ عَمِّي أَنَسُ بْنُ النَّضْرِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ سُمِّيتُ بِهِ، لَمْ يَشْهَدْ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَدْرًا، فَقَالَ‏:‏ أَوَّلُ مَشْهَدٍ شَهِدَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم غِبْتُ عَنْهُ، أَمَا وَاللَّهِ لإنْ أَشْهَدَنِي اللَّهُ مَشْهَدًا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِيَرَانِي مَا أَصْنَعُ، فَهَابَ أَنْ يَقُولَ غَيْرَهَا، فَلَمَّا كَانَ مِنَ الْعَامِ الْمُقْبِلِ شَهِدَ أُحُدًا، فَلَقِيَهُ سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، فَقَالَ لَهُ‏:‏ يَا أَبَا عَمْرٍو، أَيْنَ‏؟‏ فَقَالَ‏:‏ وَاهًا لِرِيحِ الْجَنَّةِ أَجِدُهُ دُونَ أُحُدٍ، قَالَ‏:‏ فَقَاتَلَ حَتَّى قُتِلَ، فَوُجِدَ بِهِ بِضْعًا وَثَمَانِينَ بَيْنَ رَمْيَةٍ وَضَرْبَةٍ وَطَعْنَةٍ، قَالَتْ أُخْتُهُ‏:‏ فَمَا عَرَفْنَا أَخِي إِلا بِبَنَانِهِ، وَكَانَ حَسَنَ الْبَنَانِ، وَنَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ‏:‏ ‏{‏مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ‏}‏ ‏[‏سورة الأحزاب آية 23‏]‏، فَكُنَّا نَرَى أَنَّهَا نَزَلَتْ فِيهِ وَفِي أَصْحَابِهِ، حَدَّثَنَا أَبُو أُمَيَّةَ، قَالَ‏:‏

حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ الْمُغِيرَةِ، وَحَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ، بِمِثْلِهِ، حَدَّثَنَا جَعْفَرٌ الصَّائِغُ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عَفَّانُ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ، أَنَّ أَنَسَ بْنَ النَّضْرِ، تَغَيَّبَ عَنْ قِتَالِ بَدْرٍ، فَقَالَ‏:‏ تَغَيَّبْتُ عَنْ أَوَّلِ مَشْهَدٍ، وَذَكَرَ الْحَدِيثَ إِلَى قَوْلِهِ‏:‏ ‏{‏رِجَالٌ صَدَقُوا‏}‏ ‏[‏سورة الأحزاب آية 23‏]‏، لَمْ يُخَرِّجْهُ مُسْلِمٌ، إِلا عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ الْمُغِيرَةِ، فَقَطْ‏.‏

5491 حَدَّثَنَا الصَّغَانِيُّ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا ثَابِتٌ، عَنْ أَنَسٍ ‏(‏ح‏)‏ حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّائِغُ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ‏:‏ أنبأ حَمَّادٌ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ‏:‏ أَنَّ أَبَا طَلْحَةَ، كَانَ يَرْمِي يَوْمَ أُحُدٍ بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم خَلْفَهُ، وَكَانَ رَامِيًا، وَكَانَ إِذَا رَمَى رَفَعَ رَأْسَهُ يَنْظُرُ أَيْنَ يَقَعُ سَهْمُهُ، وَكَانَ أَبُو طَلْحَةَ يَرْفَعُ صَدْرَهُ، يَقُولُ‏:‏ هَكَذَا بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي يَا رَسُولَ اللَّهِ، لا يُصِيبُكَ سَهْمٌ، نَحْرِي دُونَ نَحْرِكَ، وَكَانَ أَبُو طَلْحَةَ يُشْرِفُ نَفْسَهُ بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، يَقُولُ‏:‏ يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي قَوِيٌّ جَلْدٌ، فَمُرْنِي بِمَا شِئْتَ وابْعَثْنِي فِي حَوَائِجِكَ، وَاللَّفْظُ لِلْصَغَانِيِّ‏.‏

5492 حَدَّثَنَا أَبُو زُرْعَةَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَمْرٍو الدِّمَشْقِيُّ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا أَبُو مُسْهِرٍ ‏(‏ح‏)‏ وَحَدَّثَنَا أَبُو يَحْيَى الْعَسْقَلانِيُّ، وَعُبَيْدُ بْنُ الْوَلِيدِ بْنِ أَبِي السَّائِبِ، قَالا‏:‏ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَمَاعَةَ ‏(‏ح‏)‏ وَحَدَّثَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ مُحَمَّدٍ الدُّورِيُّ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ الطَّالْقَانِيُّ، عَنِ ابْنِ الْمُبَارَكِ، كِلاهُمَا عَنِ الأَوْزَاعِيِّ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ‏:‏ كَانَ أَبُو طَلْحَةَ حَسَنَ الرَّمْيِ، وَكَانَ إِذَا رَمَى يُشْرِفُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، فَيَنْظُرُ إِلَى مَوْضِعِ نَبْلِهِ، قَالَ أَبُو زُرْعَةَ فِي حَدِيثِهِ‏:‏ كَانَ يَقْعُدُ خَلْفَ تُرْسِهِ يَنْظُرُ إِلَى مَوَاقِعِ نَبْلِهِ، حَدَّثَنَا عَلانُ بْنُ الْمُغِيرَةِ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا نُعَيْمُ بْنُ حَمَّادٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ، عَنِ الأَوْزَاعِيِّ، بِنَحْوِهِ‏.‏

5493 حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّائِغُ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ‏:‏ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ أُحُدٍ وَهُوَ يَسْلُتُ الدَّمَ عَنْ وَجْهِهِ، وَهُوَ يَقُولُ‏:‏ كَيْفَ يُفْلِحُ قَوْمٌ شَجُّوا نَبِيَّهُمْ، وَكَسَرُوا رَبَاعِيَتَهُ، وَهُوَ يَدْعُوهُمْ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ‏:‏ ‏{‏لَيْسَ لَكَ مِنَ الأَمْرِ شَيْءٌ‏}‏ ‏[‏سورة آل عمران آية 128‏]‏‏.‏

5494 حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حَيَّوَيْهِ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا سَهْلُ بْنُ بَكَّارٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ‏:‏ كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَنْفُضُ الدَّمَ عَنْ جَبْهَتِهِ يَوْمَ أُحُدٍ، وَيَقُولُ‏:‏ كَيْفَ يُفْلِحُ قَوْمٌ شَجُّوا نَبِيَّهُمْ، وَكَسَرُوا رَبَاعِيَتَهُ، وَهُوَ يَدْعُوهُمْ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ‏:‏ ‏{‏لَيْسَ لَكَ مِنَ الأَمْرِ شَيْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذِّبَهُمْ فَإِنَّهُمْ ظَالِمُونَ‏}‏ ‏[‏سورة آل عمران آية 128‏]‏، حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا أَسَدُ بْنُ مُوسَى، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، بِمِثْلِهِ وَزَادَ‏:‏ وَكَذَّبُوهُ‏.‏

5495 حَدَّثَنَا مَهْدِيُّ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ إِسْحَاقَ، قَالَ‏:‏ أنبا ابْنُ الْمُبَارَكِ، عَنِ الأَوْزَاعِيِّ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ‏:‏ كَانَ أَبُو طَلْحَةَ يَتَتَرَّسُ مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِتُرْسٍ وَاحِدٍ، وَكَانَ أَبُو طَلْحَةَ حَسَنَ الرَّمْيِ، فَكَانَ إِذَا رَمَى يَتَشَرَّفُ نَبِيُّ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَيَنْظُرَ إِلَى مَوْقِعِ نَبْلِهِ‏.‏

5496 حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الأَعْلَى، قَالَ‏:‏ أنبأ ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ‏:‏ وَحَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ جُرِحِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ‏:‏ أَمَا وَاللَّهِ إِنِّي لأَعْرِفُ مَنْ كَانَ يَغْسِلُ جُرْحَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَمَنْ كَانَ يَسْكُبُ الْمَاءَ، وَبِمَاذَا دُووِيَ بِهِ، كُسِرَتِ الْبَيْضَةُ عَلَى رَأْسِهِ، وَكُسِرَتْ رَبَاعِيَتُهُ وَجُرِحَ وَجْهُهُ، قَالُوا‏:‏ هَاتِ يَا أَبَا الْعَبَّاسِ، فَحَدَّثَنَا قَالَ‏:‏ كَانَتْ فَاطِمَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا تَغْسِلُهُ، وَكَانَ عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَسْكُبُ الْمَاءَ بِالْمِجَنِّ، فَلَمَّا رَأَتْ فَاطِمَةُ أَنَّ الْمَاءَ لا يَزِيدُ الدَّمَ إِلا كَثْرَةً، أَخَذَتْ قِطْعَةً مِنْ حَصِيرٍ فَأَحْرَقَتْهَا، وَأَلْصَقَتْهَا عَلَى جُرْحِهِ فَاسْتَمْسَكَ الدَّمُ، حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عَبَّادٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي حَازِمٍ، بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ‏.‏

5497 حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ الْحَرَّانِيُّ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا النُّفَيْلِيُّ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي حَازِمٍ، قَالَ‏:‏ أَخْبَرَنِي أَبِي، أَنَّهُ سَمِعَ سَهْلَ بْنَ سَعْدٍ، سُئِلَ عَنْ جُرْحِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ أُحُدٍ، فَقَالَ‏:‏ جُرِحَ وَجْهُهُ، وَكُسِرَتْ رَبَاعِيَتُهُ، وَهُشِمَتِ الْبَيْضَةُ عَلَى رَأْسِهِ، فَكَانَتْ فَاطِمَةُ ابْنَتُهُ تَغْسِلُ الدَّمَ، وَعَلِيٌّ يَسْكُبُ الْمَاءَ، فَلَمَّا رَأَتْ أَنَّ الْمَاءَ لا يَزِيدُ الدَّمَ إِلا كَثْرَةً، أَخَذَتْ قِطْعَةَ حَصِيرٍ فَأَحْرَقَتْهُ حَتَّى إِذَا صَارَ رَمَادًا، أَلْصَقَتْهُ الْجُرْحَ اسْتَمْسَكَ الدَّمُ‏.‏

5498 حَدَّثَنَا أَبُو الأَحْوَصِ إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، وَمُسَدَّدٌ، قَالا‏:‏ حَدَّثَنَا أَبُو رَجَاءٍ قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدٍ الْقَارِيُّ الْقُرَشِيُّ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، أَنَّهُ رَأَى سَهْلَ بْنَ سَعْدٍ، وَهُوَ يُسْأَلُ عَنْ جُرْحِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ‏:‏ أَمَا وَاللَّهِ إِنِّي لأَعْرِفُ مَنْ كَانَ يَغْسِلُ جُرْحَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَمَنْ كَانَ يَسْكُبُ الْمَاءَ، وَبِمَاذَا دُووِيَ، قَالَ‏:‏ كَانَتْ فَاطِمَةُ بِنْتُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم تَغْسِلُهُ، وَعَلِيٌّ يَسْكُبُ الْمَاءَ بِالْمِجَنِّ، فَلَمَّا رَأَتْ فَاطِمَةُ أَنَّ الْمَاءَ لا يَزِيدُ الدَّمَ إِلا كَثْرَةً، أَخَذَتْ قِطْعَةً مِنْ حَصِيرٍ، فَأَحْرَقَتْهَا وَأَلْصَقَتْهَا فَاسْتَمْسَكَ الدَّمُ، وَكُسِرَتْ رَبَاعِيَتُهُ يَوْمَئِذٍ، وَجُرِحَ وَجْهُهُ وَكُسِرَتِ الْبَيْضَةُ‏.‏

5499 حَدَّثَنَا الصَّغَانِيُّ، قَالَ‏:‏ أنبا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا أَبُو غَسَّانَ مُحَمَّدُ بْنُ مُطَرِّفٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنِي أَبُو حَازِمٍ، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ، قَالَ‏:‏ هُشِمَتِ الْبَيْضَةُ عَلَى رَأْسِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ أُحُدٍ، وَكُسِرَتْ رَبَاعِيَتُهُ وَجُرِحَ وَجْهُهُ، قَالَ‏:‏ فَكَانَتْ فَاطِمَةُ بِنْتُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم تَغْسِلُ عَنْهُ الدَّمَ، وَعَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ يَأْتِيهَا بِالْمَاءِ، فَلَمَّا أَصَابَ الْجُرْحَ الْمَاءُ كَثُرَ دَمُهُ، فَلَمْ يَرْقَأِ الدَّمُ حَتَّى أَخَذَتْ قِطْعَةَ حَصِيرٍ فَأَحْرَقَتْهُ حَتَّى عَادَ رَمَادًا، ثُمَّ جَعَلَتْهُ عَلَى الْجُرْحِ فَرَقَأَ الدَّمُ‏.‏

5500 حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ‏:‏ أنبأ ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنِي هِشَامُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ‏:‏ أَنَّ فَاطِمَةَ، كَانَتْ يَوْمَ أُصِيبَ وَجْهُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم تَحْرِقُ الْحَصِيرَ تُدَاوِيهِ بِهِ تُلْصِقُهُ عَلَيْهِ رَوَاهُ مُسْلِمٌ، عَنْ عَمْرِو بْنِ سَوَّادٍ، عَنِ ابْنِ وَهْبٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي هِلالٍ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ‏.‏

5501 حَدَّثَنَا الصَّغَانِيُّ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ الْخَلِيلِ، قَالَ‏:‏ أنبأ عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ، عَنْ شَقِيقٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ‏:‏ لَكَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم‏:‏ حَكَى نَبِيًّا مِنَ الأَنْبِيَاءِ ضَرَبَهُ قَوْمُهُ حَتَّى أَدْمَوْا وَجْهَهُ، فَجَعَلَ يَمْسَحُ الدَّمَ عَنْ وَجْهِهِ، وَيَقُولُ‏:‏ رَبِّ اغْفِرْ لِقَوْمِي، فَإِنَّهُمْ لا يَعْلَمُونَ، حَدَّثَنَا أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْجُنَيْدِ الدَّقَّاقُ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الطَّالْقَانِيُّ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ شَقِيقٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ‏:‏ لَكَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم حَكَى نَبِيًّا مِنَ الأَنْبِيَاءِ قَدْ ضَرَبَهُ قَوْمُهُ، بِمِثْلِهِ‏.‏

5502 حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ حَرْبٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ، وَأَبُو مُعَاوِيَةَ، قَالا‏:‏ حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ، عَنْ شَقِيقٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ‏:‏ كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَحْكِي‏:‏ نَبِيًّا ضَرَبَهُ قَوْمُهُ يَمْسَحُ الدَّمَ عَنْ وَجْهِهِ، وَيَقُولُ‏:‏ رَبِّ اغْفِرْ لِقَوْمِي، فَإِنَّهُمْ لا يَعْلَمُونَ‏.‏

بَيَانُ شِدَّةِ غَضِبِ اللَّهِ سُبْحَانَهُ عَلَى مَنْ قَتَلَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى الله عليه وسلم فى سبيل الله، والإباحة لمن يخاطر بنفسه فى حرب العدو عن الأمام، وبيان ثوابه، والدليل على أنه يكره للإمام إذا أمر رعيته بذلك ولم ينصفهم

5503 حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُوسُفَ السُّلَمِيُّ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ‏:‏ أنبأ مَعْمَرٌ، عَنْ هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ، قَالَ‏:‏ هَذَا مَا حَدَّثَنَا أَبُو هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنْ مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَذَكَرَ أَحَادِيثَ مِنْهَا، وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم‏:‏ اشْتَدَّ غَضَبُ اللَّهِ عَلَى قَوْمٍ فَعَلُوا بِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَهُوَ يَوْمَئِذٍ يُشِيرُ إِلَى رَبَاعِيَتِهِ، وَقَالَ‏:‏ اشْتَدَّ غَضَبُ اللَّهِ عَلَى رَجُلٍ يَقْتُلُهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي سَبِيلِ اللَّهِ‏.‏

5504 حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّائِغُ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، قَالَ‏:‏ أنبأ ثَابِتٌ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّ الْمُشْرِكِينَ لَمَّا رَهِقُوا النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، وَهُوَ فِي سَبْعَةٍ مِنَ الأَنْصَارِ وَرَجُلَيْنِ مِنْ قُرَيْشٍ، قَالَ‏:‏ مَنْ يَرُدُّهُمْ عَنَّا، وَهُوَ رَفِيقِي فِي الْجَنَّةِ‏؟‏، فَجَاءَ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ، فَقَاتَلَ حَتَّى قُتِلَ، فَلَمَّا رَهِقُوهُ أَيْضًا، قَالَ‏:‏ مَنْ يَرُدُّهُمْ عَنَّا وَهُوَ رَفِيقِي فِي الْجَنَّةِ‏؟‏، فَتَقَدَّمَ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ، فَقَاتَلَ حَتَّى قُتِلَ، فَلَمْ يَزَلْ كَذَلِكَ حَتَّى قُتِلَ السَّبْعَةُ، قَالَ‏:‏ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِصَاحِبَيْهِ‏:‏ مَا أَنْصَفْنَا أَصْحَابَنَا‏.‏

5505 حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مَسْعُودٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَاصِمٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ ثَابِتٍ، وَعَلِيُّ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ‏:‏ أَنّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، لَمَّا رَهِقَهُ الْمُشْرِكُونَ يَوْمَ أُحُدٍ، وَمَعَهُ سَبْعَةٌ مِنَ الأَنْصَارِ، وَرَجُلانِ مِنْ قُرَيْشٍ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم‏:‏ مَنْ يَرُدُّهُمْ عَنَّا وَهُوَ رَفِيقِي فِي الْجَنَّةِ‏؟‏، فَقَامَ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ، فَقَاتَلَ حَتَّى قُتِلَ، ثُمَّ قَالَ مِثْلَهَا، فَقَامَ آخَرُ، فَقَاتَلَ حَتَّى قُتِلَ، ثُمَّ قَالَ مِثْلَهَا، فَقَامَ آخَرُ، فَقَاتَلَ حَتَّى قُتِلَ، فَلَمْ يَزَالُوا كَذَلِكَ حَتَّى قُتِلَ السَّبْعَةُ جَمِيعًا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِصَاحِبَيْهِ‏:‏ مَا أَنْصَفْنَا أَصْحَابَنَا‏.‏